بابُ النَّهْي عَنِ اسْتِقْبَالِ القِبْلَةِ للحَاجَةِ،
إلى آخِر خُروج النَّاسِ إلى المَسْجِدِ
* قَوْلِ أَبي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ: (مَا أَدْرِي مَا أَصْنَعَ بهَذِه الكَرَاِبيِسِ) ٦٥٨ يعنِي: بالكَرَابِيِسِ المَرَاحِيضَ التِّي في الغُرَافِ خَاصَّةً، وأَمَّا الَتِّي في البُيُوتِ فإنها تُسَمَّى الكُنُفُ، ونَهَى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ استِقْبَالِ القِبْلَةِ واسْتِدْبَارِهَا، وهذَا في الصَّحَارَى ولَيْسَ ذَلِكَ في المَدَائِنِ، وقد رَأَى ابنُ عُمَرَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بالمَدِينَةِ قَاعِدَاً على لَبنتَيْنِ مُسْتَقْبلاً بَيْتَ المَقْدِسِ ٦٦١، ومَنِ اسْتَقْبَلَ بالمَدِينَةِ بَيْتَ المَقْدِسِ اسْتَدْبَرَ القَبْلَةَ، فَجَاءَ حَدِيثُ ابنَ عُمَرَ مُفَسِّراً لِحَدِيثِ أَبي أَيُّوبَ ٦٥٨ الذي رَوَاهُ في النَّهِي عَنِ اسْتِقْبَالِ القِبْلَةِ واسْتِدْبَارِهَا عندَ الغَائِطِ والبَوْلِ، إنَّمَا ذَلِكَ في الصَّحَارَى.
قالَ أَبو مُحَمَّدٍ: نَهْيُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ اسْتِقْبَالِ القِبْلَةِ واسْتِدْبَارِهَا عندَ الغَائِطِ والبَوْلِ مِنْ أَجْلِ حُرْمَةِ القِبْلَةِ، وقدْ أَمَرَنا اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- أَنْ نَسْتَقْبلَهَا للصَّلاَةِ، وَهِي مِنْ أَجَلِّ الأَعْمَالِ، فَيَقْبُحُ اسْتِقْبَالُهَا عندَ الغَائِطِ والبَوْلِ.
قالَ أَبوالمُطَرِّفِ: وذَكَرَ الشَّعْبِيُّ أَنَّ مَعْنَى النَّهْيِّ عَنِ اسْتَقْبَالِهَا واسْتِدْبَارِهَا في الصَّحْرَاءِ مِنْ أَجْلِ المُصَلِّينَ للهِ -عَزَّ وَجَلَّ- في الصَّحَارَى مِنْ غَيْرِ الإنْسِ، فَكَرِه أَنْ يَسْتَقْبِلَهُم الإنْسَانُ بِفَرْجِه أَو مَخْرَجِه، ذَكَرَ هذَا سَحْنُونُ عَنِ الشَّعْبِيِّ (١).
* قالَ أَبوالمُطَرِّفِ: إنَّمَا نَزَعَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - البُصَاقَ مِنْ جِدَارِ القِبْلَةِ إكْرَاماً مِنْهُ
(١) رواه سحنون في المدونة ١/ ٧٠ عن ابن وهب عن حمزة بن عبد الواحد عن عيسى الحناط عن عامر الشعبي به، ورواه الطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ٢٣٦ بإسناده إلى ابن وهب به.