في هذَا الحَدِيثِ (الدِّبَاغُ؟)، فقالَ: أَنَا سَمِعْتُ (الدّبَاغَ) مِنَ الزُّهْرِيِّ سَمْعَا" (١).
قالَ أَحْمَدُ بنُ خَالِدٍ: ورَوَى هَذَا الحَدِيثَ عبدُ الرَّزاقِ، عَنِ ابنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابنِ عبَّاسٍ قالَ: أَخْبَرَتْنِي مَيْمُونَةُ زَوْجُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "أَنَّ شَاةً لَهُمْ مَاتَتْ، فَقَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: أَلَا دَبَغْتُم إهَابَهَا" (٢)، يعَنِي: وَانتفَعْتُم بهِ.
قالَ أَحْمَدُ: فِفِي هذَا الحَدِيثِ دَلِيل على أنَّ الانْتِفَاعَ بِجِلْدِ المَيْتَةِ إنَّمَا هُوَ بعدَ الدّبَاغِ، وَهُوَ مُوَافِق لِمَا رَوَاهُ ابنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ.
* قالَ عِيسَى بنُ دِينَارٍ: الذي يأخُذُ بهِ مَالِكٌ في جُلُودِ المَيْتَةِ حَدِيثَ عَائِشَةَ: "أَن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمًرَ أَنْ يُسْتَمْتعً بِجُلُودِ المَيْتَةِ إذا دُبغَتْ" ١٨٣١، يُرِيدُ: يُسْتَمْتَعُ بِها في غَيْرِ اللِّبَاسِ والصَّلَاةِ بِهَا، وَهِي عِنْدَهُ على أَصْلِهًا غَيْرُ طَاهِرَةٍ.
* قالَ أَبو مُحَمَّدٍ: في حَدِيثِ زيْدِ بنِ أَسْلَمَ عَنِ ابنِ وَعْلَةٍ المَصْرِيِّ، عَنِ ابنِ عبَّاسٍ، أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إذا دُبغَ الإهَابُ فَقَدْ طَهُرَ" ١٨٣٠، قالَ أَبو مُحَمَّدٍ: هَذا حَدِيثٌ مَعْلُولٌ، لأَنَ ابنَ وَعْلَةَ رَجُل مَجْهُولٌ لا يُعْرَفُ (٣)، وَلِذَلِكَ لَمْ يَأْخُذْ بهِ مَالِكٍ في جُلُودِ المَيْتَةِ إذا دُبِغَتْ، وَقَدْ رَوَى عنهُ ابنُ عبدِ الحَكَمِ أَنَّهُ قالَ: مَنْ دَبَغَ جِلدَ مَيْتَةٍ ثُمَّ قَطَعَهُ نِعَالًا لَمْ يَبِعْهُ حتَّى يُبيِّنَ أَنَّهُ جِلْدُ مَيْتَةٍ، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَا يُصَلَّى بِهِ (٤).
قالَ أبو المُطَرِّفِ: زَادَ ابنُ بُكَيْرٍ في هذَا البَابِ في مَوَطَّئِهِ حَدِيثَ مَالِكٍ عَنْ عَمِّهِ أَبي سُهَيل بنِ مَالِكٍ، أعن أبيه، عَنْ كَعْبٍ الأَحْبَارِ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا نَزَعَ نَعْلَيْهِ، فقالَ لَهُ كَدْب: لِمَ خَلَعْتَ نَعْلَيْكَ، لَعَلَّكَ تَأَوَّلْتَ هَذَهِ الآيةَ: {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ
(١) رواه ابن المنذر في الأوسط ٢/ ٢٦٠، والبيهقي في السنن ١/ ١٥.
(٢) مصنف عبد الرزاق ١/ ٦٣.
(٣) ابن وعلة هو عبد الرحمن بن وعلة المصري وثقه ابن معين والنسائي وغيرهما، وروى حديثه مسلم والأربعة، ينظر: تهذيب الكمال ١٧/ ٤٧٨.
(٤) نقله قول مالك المذكور: ابن عبد البر في الإستذكار ٥/ ٥٣١.