يَتِمُّ البَيْعُ بَيْنَهُما أَو الكِرَاءُ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وهذَا حَرَامٌ.
قالَ ابنُ القَاسِمِ: العَبيدُ والإماء صِنْف وَاحِدٌ، إلَّا ذُو النَّفَاذِ والمَعْرِفَةِ والتِّجَارَةِ مِنَ الدُّكُورِ، وذَوَاتِ الصَّنْعَةِ مِنَ الإمَاءِ، فإذا اخْتَلَفُوا فَبَانَ اخْتِلاَفُهُم جَازَ أنْ يُسْلِمَ بَعضُهُم في بعض بِصِفَةٍ مَعلُومة، وأَجَلٍ مَعلُومٍ، فإنْ لم يَخْتَلِفُوا لم يَجْزِ مِنْهُم وَاحدٌ باثْنَيْنِ إلى أَجَل، وَيجُوزُ ذَلِكَ يَداً بِيَدٍ.
قالَ الأَبْهرِيُّ: إنَّما جَازَ للمُسْلَمِ أَنْ يَبِيعَ ما سَلِمَ فِيهِ مِنَ العُرُوضِ بِصِفَةٍ وأَجَلٍ مِنْ غَيْرِ الذي سَلِمَ إليه فِيها قَبْلَ قَبْضِها، مِنْ أَجْلِ أَنَّ المُسْلَمَ قَدْ مَلَكَ ذَلِكَ الشَيءَ، فالمُسْلَمُ مَنْ يُعَدُّ الصَّفْقَةَ وبالضَفَةِ، فَلِذَلكَ جَازَ لَهُ بَيْعُ ذَلِكَ قَبْلَ قَبْضِهِ إذا بَاعَهُ، ومَا كَانَ (١) بِدَيْنٍ لم يَجُزْ، لأَنَّهُ يَدخُلُه فَسْخُ دَيْن في دَيْنٍ، وقَدْ نُهِيَ عَنِ الدَّيْنِ بالدَّيْنِ.
قالَ أَبو المُطَرِّفِ: قَوْلُ مالِكٍ: (لَا يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى جَنِين في بَطْنِ أُمِّه إذا بِيعَتْ، لأن ذَلِكَ غَرَرٌ لا يَجُوزُ).
قالَ عِيسَى: فإذا وَقَعَ هذا البَيْعُ فُسِخَ، فَإنْ مَاتَتِ الأَمَةُ بالوِلاَدةِ، أو باخْتِلاَفِ الأَسْوَاقِ، وبِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الفَوْتِ مَضَى البَيع، وكَانَتْ فِيهِ القِيمَةُ يَوْمَ قُبضَتِ الأَمَةُ على غَيْرِ اسْتِثْنَاءٍ بالِغَةً بِمَا بَلَغَتْ.
قالَ: وإنْ وُلِدَتِ الأَمَةُ وقَبضَ مُسْتَثَني الجَنِينِ الجَنِينَ، فَعُثِرَ على ذَلِكَ بِحُدثَانِ قَبْضِه إيَّاهُ رُدَّ إلى مُبْتَاع الَأُمَّ، وغُرِمَ قِيمَتها يَوْمَ قَبْضِها، فإنْ فَاتَ الجَنِينُ عندَ مُسْتَثنِيهِ بِشَيءٍ مِنْ وُجُوهِ الفوْتِ، كَانَ للبَائِعِ على المُبْتَاعِ قِيمَةُ الأُمّ يَوْمَ بَاعها بلا اسْتِثْنَاءٍ، وكَانَ للمُبْتَاعِ على البَائِعِ قِيمَةُ الجَنِينِ يَوْمَ قَبْضِهِ، ثُمَّ يَبيعَانِ الجَنِينَ والأُمَّ مِنْ مَالِكٍ وَاحِدٍ إنْ عُثِرَ على ذَلِكَ قبلَ إثْغَار الجَنِينِ، مِنْ أَجْلِ النَّهِي الذي جَاءَ عَنِ التَّفْرِقَةِ بينَ الأُمِّ وَوَلَدِها الصَّغِيرِ حتَّى يَثْغَرَ (٢).
(١) ما بين المعقوفتين استدركه الناسخ بالحاشية، ولكنه لم يظهر في التصوير، ولذا اجتهدت في وضعت ما رأيته مناسبا للسياق.
(٢) ينظر: الإستذكار ٧/ ٤٤ - ٤٥.