أو جُزْءً مِنْها فَهُو جَائِزٌ، لأنَّهُ شَرِيكٌ للمُبْتَاعِ بِقَدرِ الجُزْءِ الذي اسْتَثْنَى مِنَ الثَّمَرةِ لِنَفْسِهِ.
* قَوْلُ مَالِكٍ في الذي يَبِيعُ تَفرَ نَخْله ويَسْتَثْنِي لِنَفْسِهِ تمرَ نَخْلَةٍ أَو نَخَلاَتٍ يَخْتَارُها مِنَ الحَائِطِ ويُسَمِّي عَدَدَها أَنَّهُ لا بَأْسَ بِذَلِكَ، لأَنَّهُ شَيءٌ حَبَسَهُ مِنْ حَائِطِه، وبَاعَ مَا سِوَى ذَلِكَ.
قالَ ابنُ القَاسِمِ: لَيْسَ يُعْجِني هذا القَوْلُ مِنْ مَالِكٍ، ولَم أَر عِنْدَهُ في هذِه المَسْأَلةِ حُجَّة، ولَقَد أَوْقَفَنِي فِيها نَحْواً مِنْ أَربَعِينَ لَيْلَةً يَنْظُرُ فِيها، ثُمَّ قَالَ: مَا أَرَاها إلَّا مِثْلُ الغَنَمِ يَبيعُها الرَّجُلُ على أَنْ يَخْتَارَ مِنْها لِنَفْسِهِ شَاةً أو شِيَاهَاً يُسَمِّيها ويَذْكُرُ عِدَّتَها.
قالَ ابنُ القَاسِمِ: ولَيْسَت النَّخْلُ مِثْلُ الغَنَمِ، لأن الغَنَمَ يَجُوزُ بَيْعها مُتَفَاضِلَةً، والتَّمْرَ لا يَجُوزُ فِيها التَّفَاضُلِ، قالَ ابنُ القَاسِمِ: فإنْ وَقَعَ مِثْلُ هذا البَيْعِ أَجَزْتُهُ لِقَوْلِ مَالِكٍ فِيهِ (١).
قالَ ابنُ القَاسِمِ: وإذا اسْتَئْنَى البَائِعُ لِنَفْسِهِ عَدَدَ أُصُولٍ مِنَ الحَائِطِ الذي بَاعَهُ ولَم يَشْتَرِطْ أَنْ يَخْتَارَها جَازَ البَيع وكَانَ البَائِعُ شَرِيكَاً للمُبْتَاعِ بقَدرِ عَدَدِ تِلْكَ الأُصُولِ التي اسْتَثْنَاها لِنَفْسِهِ في جَمِيعِ الحَائِطِ الذي بَاعَ.
* قالَ أَبو المُطَرِّفِ: الجَنِيبُ مِنَ التَّفرِ هُوَ أَطْيَبُ التَّمر، والجَمعُ مِنَ التمرِ هُوَ أَصنَاف مُخْتَيفَةٌ تُجْمَعُ، فَيَكُونُ مِنْبها الطَّيِّبُ والوَسَطُ والدُّونُ، وإنَّمَا نَهى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامِلَهُ على خَيْبَرَ على ابْتِيَاعِ صَاعٍ مِن تجنِيبٍ بِصَاعَيْنٍ مِنْ جَمعٍ لأَنهُ رِبَا، إذ لا يُبَاعُ التَمرُ بالتمرِ إلَّا مِثْلاً بِمِثْلٍ، وإنَّمَا لَمْ يَنْقُضْ تِلْك الصَّفْقَةَ لأَنَّهُ كَانَ
(١) نقل قول مالك وتعقيب ابن القاسم عليه: أبو عبيد القاسم بن خلف الطرطوشي في كتابه التوسط بين مالك وابن القاسم في المسائل التي اختلفا فيها من مسائل المدونة ص ٩٨، وابن عبد البر في الإستذكار ٧/ ١٤٥ - ١٤٦، وّقال أبو عبيد: وقول مالك في ذلك أولى بالصواب عندي.