في بيَع الذَّهَب والوَرِقِ،
والمُرَاطَلَةِ بِهِما (١) والصَّرْفِ
قَوْلُ النبي - صلى الله عليه وسلم - للسَّعْدَينِ حِينَ بَاعَا الإنَاءَ مِنَ الفِضَّةِ أَو مِنَ الذَهبِ باَكْثَرَ مِنْ وَزْيهِ يَوْمَ خَيْبَرَ، فقالَ لَهُمَا: "أربَيْتُمَا فَرُدَّا"
قالَ أَبو المُطَرفِ: هذا أَصل في رَدِّ الرِّبَا، وأَنَّهُ لا قِيمَةَ للصِّنَاعةِ في المُرَاطَلَةِ، ومَن اشْتَرَى دمى (٢) الوَرِقِ فقد أَربَى، وكَانَ السَّعدَانِ: سَعدُ بنُ عبَادَةَ، وسَعدُ بن مَالك.
وفي هَذا الحَدِيثِ مِن الفِقْهِ: أن الغَنَائمَ تُبَاع بأَرضِ العَدُوِّ، وأَنَّ الإمَامَ يُقَدِّمُ على بَيْعِهِا أَهْلَ الأَمَانةِ والثِّقَةِ، ثُمَّ يَتَعَاهدُ ذَلِكَ بِنفْسِهِ، فَمَا كَانَ مِنْهُ صَوَاباً أَمْضَاهُ، ومَا كَانَ خَطَأً رَدَّهُ، والرِّبا لَا يَحِلُّ تَمَلكُهُ، و إنَّه (٣) مَتَى وَقَعَ البَيْعُ به نُقِضَ.
* قَول ابنِ عُمَرَ للصَّايغِ الذي سَالهُ عنْ بَيعِ الفِضة المَصُوغَةِ بالمَضْرُوبةِ مُتَفَاضِلَةً، فقالَ لَهُ: "لا تَبع ذَلِكَ إلَّا وَزْناً بوَزن" يُرِيدُ: أَن الصِّيَاغَةَ في الفِضَّةِ لا يُحتسَبُ بها في المُرَاطَلَةِ.
* ولَيْسَ العَمَلُ في هذه المَسألةِ على إجَازَةِ مُعَاوِيةَ لِذَلِكَ، وقدْ أَنْكَرَ عَلَيْهِ أَبو الدَّرْدَاء جينَ رَاجَعهُ في ذَلِكَ، حتَّى قَالَ: (لا أُسَاكنُكَ بأَرضٍ أَنْتَ فِيها)
قالَ أَبو عُمرَ: هذِه قولَة شّدِيدَةٌ، وتَؤُولُ إلى مَعنَى الهُجرانِ الذي نَهَى عَنْهُ
(١) المراطلة: هي بيع النفد بنقد من نوعه.
(٢) هذه الكلمة هكذا رسمت في الأصل، وقد قلبتها على أوجه كثيرة ولم أعرفها.
(٣) جاء في الأصل: (ان)، وما وضعته هو المناسب للسياق.