والسُّرعَةِ والنَّجَابةِ، فإذا اخْتَلَفَتْ هكَذا جَازَ أَنْ يُسْلِمَ بعضَها في بَعضٍ إلى أَجَلٍ إذا وُصِفَ المُسْلَمُ فِيهِ، وضرِبَ لأَخْذِهِ أَجَلٌ.
قالَ سَعِيد: (وإنَّمَا نُهِيَ مِنَ الحَيَوانِ عَنِ المَضَامِينِ، والمَلاَقِيحِ، وحَبَلِ الحَبَلَةِ).
(قالَ الزُّهْرِيُّ: فَالمَضَامِينُ: مَا فِي بُطُونِ إنَاثِ الإبلِ، والمَلاَقِيحُ: مَا فِي ظُهُورِ الجِمَالِ)
وقالَ غَيْرُ الزُّهْرِيِّ: المَلاَقِيحُ مَا فِي بُطُونِ الإنَاثِ، وَالمَضَامِينُ: مَا فِي أَصلاَبِ الفُحُولِ (١).
قالَ الزُّهْرِيُّ: كَانَ الرَّجُلُ في الجَاهِلِيةِ يَشْتَرِي مِنَ الآخَرِ مَا فِي بَطْنِ نَاقَتِهِ قَبْلَ نِتَاجِها، فَنُهِيَ عَنْ ذَلِكَ، لأَنَّهُ بَيع مَجْهُول، وكَانَ أَيْضَاً بعضُهُم يَشْتَرِي مِنْ بعضٍ نِتَاجَ بِنتَاجِ النَاقَةِ، وَهُوَ حَبَلُ الحَبَلَةِ، فَهذَا كُلُّهُ مِنْ بَيْعِ الغَرَرِ، ومِنْ أَكْلَ المَالِ بالبَاطِلِ، لأَنَّ هذا المَبِيعَ لَا هُوَ مَوْصُوفٌ ولَا هُوَ مَرْئيٌّ.
* قالَ أَبو المُطَرِّفِ: إنَّمَا نَهى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عنْ بَيع اللّحمِ بالحَيَوانِ مِنْ جِةةِ عَدَمِ المُمَاثَلَةِ في اللَّحمِ، إذ لَا يدرِي هلْ في هذِه المَذْبُوحَةِ مِثْلَ مَا فِي هذِه الحَيَّةِ أَم لا؟، ولِهذا نَهي عَنْ بَيع الجَمَلِ الشَّارِفِ الذي لا يَصلُحُ إلَّا لِلَّحمِ بِشِيَاهٍ أَحْيَاءَ، لأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ اللَّحْمِ بالحَيَوانِ، ولَوْ كَانَ الجَمَلُ الشَّارِفُ مِمَّا يَصلُحُ لِلْبَقَاءِ والحَمُولَةِ لَجَازِ بَيْعُهُ بِشِيَاهٍ أَحْيَاءَ، لأَنَّ هذا حَيَوانٌ بِحَيَوانٍ، ولَا خِلاَفَ في جَوَازِ هذا.
والفُحُومُ ثَلاَثَةُ أَضنَافٍ: فَذَواتُ الأَربعِ صِنْفٌ وَاحِدٌ، والطَّيْرُ كُلُّهُ صِنْفٌ وَاحِدٌ، والحِيتَانُ كُلها صِنْفٌ وَاحِدٌ لا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ مِنْ صِنْفٍ مِنْ هذه الأَصنَافِ حَي بِمَذْبُوح يَدَاً بِيَدٍ، فإذا كَانا مِنْ صِنْفَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ جَازَ أَنْ يُبَاعَ مِنْهُ حَيٌّ بِمَذْبُوح
(١) هذا قول أبي عبيد في غريب الحديث ١/ ٢٠٧، وهو أيضا قول عبد الملك بن حبيب الأندلسي، ينظر: غريب الموطأ ١/ ٣٨٥.