قالَ أَبو المُطَرِّفِ: اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ في المُتَبَايِعَيْنِ إذا اخْتَلَفَا في ثَمَنِ السِّلْعَةِ، فأَوَّلُ قَوْلَيْ مَالِكٍ: أنَّ المُبْتَاعَ مُصَدَّقٌ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنَ الثمَنِ مَعَ يَمِينه وإنْ لَمْ تَفِتِ السِّلْعَةُ، وبِهذا قالَ ابنُ وَهْبٍ.
وقالَ أَشْهبُ: إنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ ويَتَرَادَّانِ البَيْع وإنْ فَاتَتِ السِّلْعَةُ في يَدِ المُبْتَاعِ، يُرِيدُ: أَنَّهُ يُغْرَمُ قِيمَتُها بعدَ يَمِينِه.
وقالَ ابنُ القَاسِمِ: إنْ لَمْ تَفِتِ السِّلْعَةُ حَلَفَ البَائِعُ اوَّلاً على مَا يَدَّعِي، ثُمَّ يَكُونُ المُبْتَاعُ بالخِيَار إنْ شَاءَ أَخَذَ السِّلْعَةَ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ البَائِعُ، وإنْ شَاءَ حَلَفَ على مَا يَدَّعِي ثُمَّ يَرُدها، إلَّا أَنْ يَزضَى قَبْلَ انْ يَفْسَخَ السُّلْطَانُ البَيْع بَيْنَهُمَا أَنْ يَأخُذَها بِمَا قَالَ البَائِعُ، فَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ، وإذا فَاتَتِ السَّلْعَةُ بِحَوَالةِ أَسْوَاقٍ فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ فَالقَوْلُ قَوْلُ المُشْتَرِي يَحلِفُ أَنَّهُ أتى بِمَا يَشْبهُ ثَمَنَها، وإنْ أتى بِمَا لَا يَشْبِهُ ثَمَنَها كَانَ القَوْلُ قَوْلَ البَائِعِ، إلَّا أَنْ يَأتِي أَيْضَاً بِمَا لا يَشْبهُ، فَإنْ أتى بِمَا لَا يَشْبهُ رُدَّ إلى مِثْلِ ثَمَنِهَا (١).
قالَ ابنُ القَاسِمِ: مَنْ بَاعَ سِلْعَةً مِنْ رَجُلٍ واشْتَرَطَ البَائِعُ أَو المُبْتَاعُ مَشُورَةَ غَيْرِه في ذَلِكَ كَانَ لِمُشْتَرِطِ ذَلِكَ مِنْهُمَا أَيْضَاً البَيْعُ أو رَدُّهُ دُونَ مَشُورَةِ ذَلِكَ الرَّجُلِ المُشْتَرِطِ اسْتِشَارَتَهُ.
وقالَ ابنُ نَافِعٍ: يَلْزَمَهُمَا مَا شَرطَا مِنْ ذَلِكَ ولْيَسْأَلْ ذَلِكَ الرَّجُلِ المُشْتَرِطِ اسْتِشَارَتَهُ، فإنْ أَجَازَ البَيْعَ بَيْنَهُمَا لَزِمَهُمَا، وإنْ رَدَّهُ فَهُو مَردُودٌ عَنْهُمَا.
* قالَ عِيسَى: دَارُ نَخْلَةَ هِيَ دَارٌ بالمَدِينَةِ تُبَاعُ فِيهَا البُرُودُ.
قالَ أَبو المُطَرِّفِ: إنَّمَا كَرِهَ زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ (ضَع وتَعَجَّلْ) لأَنَّهُ رِبَا، وذَلِكَ أَنَّ فَاعِلَ ذَلِكَ يَبِيعُ عَيْنَاً إلى أَجَل بأَقَلَّ مِنْهُ نَقْدَاً، وأَمَّا إذا حَلَّ بهِ أَجَلُ الدَّيْنِ فَوَضَعَ عَنْهُ صَاحِبُ المَالِ مِنْهُ فَهُوَ جَائِز، لأَنَّهُ إحسَانٌ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ المَالِ وليسَ ذَلِكَ رِبَا،
(١) نقل أقوال مالك في هذه المسألة وأقوال أصحابه بمثل ما نقله المصنف: ابن عبد البر في كتاب الكافي ١/ ٢٢٦ - ٢٢٧.