لأنَّهُ لَمْ يَكُنْ حِينَئِذ مَالِكَأ لِمَا أَشْرَكَ فِيهِ، أَو وَلاَّهُ مُلْكَأ تَامَاً، وأَمَّا إذا بَعُدَ شَرطُهُ مِنْ عَقْدِ الصَفْقَةِ لَمْ يَنتفِع بهِ، لأَنَّهُ قَدْ ملَكَهُ ذَلِكَ مِلْكَاً تَامَّا، فَلِذَلِكَ لَزِمَتْهُ التَّبِعَةُ، ولَم يَنْتفِعْ بِشَرطِهِ.
* قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنِ ابْتَاعَ سِلْعَةً ثُمَّ قَالَ لَهُ رَجُل: أَشْرِكْنِي بِنِصْفِها وأَنَا أَبِيعُها لَكَ أَنَّهُ جَائِزٌ، يَعْنِي: إذا ضَرَبَ لِبَيْعِها أَجَلاً، لأَنَّهُ بَيْعٌ وإجَارَة، والبَيع والإجَارَةُ جَائِزٌ أنْ يَجْتَمِعَانِ في صَفْقةٍ وَاحِدَة، فإنْ لَمْ يَضْرِبْ لِبَيْعِهِ إيَّاها أَجَلاً لَمْ يَجُزْ.
قالَ عِيسَى: فإنْ بَاعَها فى نِصْفِ الأَجَلِ الذي ضَرَبَهُ لِبَيْعها كَانَ لَهُ نِصْفُ الأُجْرَةِ في بَيْعِهِ إيَّاها.
وتَفْسِيرُ ذَلِكَ: أَنْ يُقَالَ مَا قِيمَةُ نِصْفِ هذِه السِّلْعَةِ على اشْتِرَاطِ قِيَامِ المُشْتَرِي في بَيْعِهِ النِّضفَ الآخَرِ شَهْراً، فإنْ قِيلَ: قِيمَتُهَا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، قِيلَ: فَمَا قِيمَتُها بِغَيْرِ اشْتِرَاطٍ؟ فإنْ قِيلَ: اثْنتَيْ عَشَرَ درهماً، فبينَ القِيمَتَيْنِ دِرهمَانِ، وَهُوَ السُّدُسِ مِنَ الثَّمَنِ كُلِّهِ، فإذا خَدَمَهُ في بَيْعِها نِصفُ شَهْرٍ وَجَبَ لَهُ مِنَ الأُجْرَةِ نِصْفَها، فَهذا وَجْهُ العَمَلِ في هذِه المَسْأَلةِ.
* قالَ أَحمَدُ بنُ خَالِدٍ: رَوَى حَدِيثَ التَّفْلِيسِ أَصحَابُ مَالِكٍ عَنْهُ مرسَلاً، إلَّا عبدَ الرَّزَاقِ فإنَّهُ أَسْنَدَهُ عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزّهْرِيِّ، عَنْ أَبي بَكْرِ بنِ عبدِ الرَّحمنِ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، عَنِ النبي - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: "أَيُّمَا رَجُلٍ بَاعَ مَتَاعَاً فَأفْلَسَ الذي ابْتَاعَهُ مِنْه"، وذَكَرَ الحَدِيثَ إلى آخِرِه (١).
قالَ أَحمدُ بنُ خَالِدٍ: وأَصحَابُ مَالِكٍ لا يَذْكُرُونَ في سَنَدِ هذا الحَدِيثِ أبا هُرَيْرَةَ، وإنَّمَا يَروُنَهُ مرسَلاً عَنْ أَبي بَكْرِ بنِ عبدِ الرَّحمنِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وبِهذا أَخَذَ مالك، والزُّهْرِيُّ قَبْلَهُ، كَانَا يَقُولاَنِ: صَاحِبُ المُبْتَاعِ أَحق بِمَتَاعِهِ إذا وَجَدَهُ في حَالِ الفَلَسِ، وَهُوَ في المَوْتِ أُسْوَةُ الغُرَمَاءِ.
(١) مصنف عبد الرزاق ٢٦٤٨.