* حَدِيثُ أَبي أُمَامَةَ، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بيَمِينِهِ حَرَّمَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- عَلَيْهِ الجَنَّةَ، وَأَوْجَبَ لَهُ النَّارَ" ٢٦٩٣، قالَ أَبو المُطَرِّفِ: يُقَالُ في هَذا الحَدِيثِ أَنَّ أبا أُمَامَةَ الذي رَوَاهُ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لَيْسَ هُوَ أَبو (١) أُمَامَةَ البَاهِلِيُّ، وإنَّمَا هُوَ أَبَو (٢) أُمَامَةَ الحَارِثيُّ مِنْ بَنِي النَّجّارِ، ولَمْ يَصِحّ لأَبي أُمَامَةَ الحَارِثيِّ سِمَاع مِنَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.
وطَرِيقُ هَذا الحَدِيثِ طَرِيقُ الوَعِيدِ، ولَا تُحَرَّمُ الجَنَّةُ ويُخَلَّدُ في النَّارِ إلَّا أَهْلُ الكُفْرِ، وقَدْ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ قَوْمٌ مِنَ المُسْلِمينَ بَعْدَ أَنِ احْتَرَقُوا فِيهَا، فَيْدْخَلُونَ الجَنَّةَ، لا خِلاَفَ بينَ أَهْلِ السُّنَّةِ في هَذَا.
ورُوِيَ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ: كُلُّ حَدِيثٍ ثَبَتَ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِيهِ مَعْنَى الوَعِيدِ فَهُوَ كَمَا قالَ، ولَا يَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ ذَلِكَ على التَّرْهِيبِ والتَّغْلِيظِ، لأَنَّ في ذَلِكَ إبْطَالٌ للَمَوَارِثةِ، وإشَارَةٌ إلى خُلْفِ الوَعْدِ الذي وَعَدَ اللهُ بهِ المُؤْمِنِينَ مِنْ دُخُولِ الجَنَّةِ، لأَنَّ الله هُوَ الصَّادِقُ فِي قَوْلهِ، وكَذَلِكَ رَسُولُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - صَادِقٌ في قَوْلهِ.
وفِيهِ تَطَرَّقٌ للإرْجَاءِ في مَذْهَبِهِم: الإيمَانُ قَوْلٌ.
ومَنْ دَخَلَ النَّارُ خَرَجَ مِنْهَا بِشَفَاعَةِ نَبِيِّهِ، ولَا يُخَلَّدُ مُوَحِّدٌ في النَّارِ، هَذَا مَعْنَى
قَوْلِ أَبي عُبَيْدٍ (٣) لَا لَفْظُهُ بِنَفْسِهِ.
* واليَمِينُ في المِنْبَرِ على الحُقُوقِ أَمْرٌ مَعْرُوفٌ عِنْدَ أَهْلِ المَدِينَةِ، ولِذَلِكَ قَضَى به مَرْوَانُ بنُ الحَكَمِ على زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ فَلَمْ يُنْكِرْهُ زَيْدٌ، ولَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ زَيْدٍ مَعْرُوفًا لأَنْكَرَهُ على مَرْوَانَ ٢٦٩٥.
قالَ مَالِكٌ: ولَا يَحْلِفُ أَحَدٌ عِنْدَ مِنْبَرِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إلَّا في رُبع دِينَارٍ فَصَاعِدًا،
(١) في الأصل: أبا.
(٢) جاء في الأصل أيضا: أبا.
(٣) جاء في الأصل: عبيدة، وهو خطأ، وقد بحثت عن قول أبي عبيد في كتاب الإيمان فلم أجده، فلعلّه في موضع آخر من كتبه الأخرى.