بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
صلَّى اللهُ على مُحَمَّدٍ، وعلى آلهِ وسَلَّم تَسْلِيمَا
تَفْسِيرُ كِتَابِ الجِهَادِ
قَوْلُ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَثَلُ المُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللهِ (١) كَمَثَلِ الصَّائِمِ القَائِمِ الدَّائِمِ، الذي لَا يَفْتُرُ مِنْ صَلَاةٍ، ولا صِيَامٍ حتَى يَرْجِعَ" ١٦١٦، ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَثَلًا للمُجَاهِدِ في سَبيلِ اللهِ بالصِّيَامِ والقِيَامِ الَّذِينِ هُمَا مِنْ أَرْفَعِ الأَعْمَالِ، ولَوْلَا مُجَاهَدَةَ العَدُّوِّ لَضًعُفَ الإسْلَامُ، وغَلَبَ العَدُوُّ المُسْلِمِينَ، والجِهَادُ فَرِيضَةٌ عَامَّةٌ يَحْمِلُهَا مَنْ قَامَ بِهَا.
وقالَ أَبو (٢) عُمَرَ: لَيْسَ هُوَ بِفَرْضٍ، ولَا يَنْبَغِي تَرْكُهُ، وَيجْزِي فِيهِ بَعْضُ النَّاسِ عَنْ بَعْضٍ، إِلَّا أَنْ يَنْزِلَ العَدُوُّ بِمَدِينَةِ المُسْلِمِينَ وَيُحَاصِرُوهُمْ، فَوَاجِبٌ عَلَى المُسْلِمِينَ نَصْرَهُم والدَّفْعُ عَنْهُمْ، وكَذَلِكَ طَلَبُ العِلْمِ فَرِيضَةٌ عَامَّةٌ يَحْمِلُهَا مَنْ قَامَ بِهَا، ومَنْ كَان فِيهِ مَوْضِع للإمَامَةِ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ قُوَّةُ الطلَبِ، ويُلْزَمُ كُلُّ مُؤْمِنٌ أَنْ يَتَعَلَّمَ مِنْ أَمْرِ دِينِهِ مَالَا يَسَعْهُ جَهْلُهُ.
وقالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: طَلَبُ العِلْمِ أَفْضَلُ مِنَ الجِهَادِ، ولَوْلَا العِلْمُ مَا عُلِمَ الجِهَادُ.
* قَوْلُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "الخَيْلُ لِثَلَاثَةٍ: لِرَجُلٍ أَجْرٌ، ولِرَجُل سِتْرٌ، وعَلَى رَجُلٍ
(١) ما بيت المعمَوفتين زيادة من الموطأ.
(٢) جاء في الأصل: (ابن) وهو خطأ فيما يغلب على ظني، وأبو عمر هو شيخ المصنف، فقيه مشهور، وقد تقدم مرارا، أما ابن عمر فلا علاقة له بالكلام المذكور.