بابُ مَالَا خُمُسَ فِيهِ،
إلى آخِرِ بَابِ السَّلَبِ في النَّفْلِ
قالَ ابنُ القَاسِمِ: إذا نَزَلَ العَدُوُّ عَلَى سَاحِلِ البَحَرِ وَزَعَمُوا أنَّهُمْ تُجَّار ولَمْ يَتَبَيِّنْ ذَلِكَ فِيهِم، فإنَّ الإمَامَ يَفْعَلُ فِيهِم مَا يُؤَدِّيهِ إليهِ اجْتِهَادُهُ، ومَا فِيهِ النَّظَرُ للمُسْلِمِينَ.
قَدْ قَسَمَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - غَنَائِمَ أَهْلِ النَّضِيرِ بَيْنَ المُهَاجِرِينَ وأَرْبَعَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ، وذَلِكَ أَنَّ اللهَ أَفَاءَهَا عَلَيْهِ بِغَيْرِ خَيْلٍ، ولَا رِكَابٍ، فَقَسَمَها على حَسَبِ مَا أَدَّاهُ إليهِ اجْتِهَادُهُ ولَمْ يُخَمِّسْهَا، فَكَذَلِكَ حُكْمُ مَا أَفَاءَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- عَلَى المُسْلِمِينَ مِنْ أَمْوَالِ المُشْرِكِينَ بِغَيْرِ قِتَالٍ.
قالَ: ويَكُونُ إلى الإمَامِ قَتْلُ هَؤُلَاءِ إنْ شَاءَ إنْ لَمْ يَكُونُوا تُجَّارًا، فإنْ كَانُوا تُجَّارًا لَمْ يُقْتَلُوا، وإنْ أَرَادُوا الخُرُوجَ لأَخْذِ المَاءِ والزَّادِ فَلِلْمُسْلِمِينَ مَنْعُهُمْ مِنَ الخُرُوجِ إلَّا أَنْ يَأْخُذُوا مِنْ أَمْوَالِهِم بَعْضَهَا، فَإنْ لَمْ يَكُونُوا تُجَّارًا فَهُمْ حَلَالٌ لِمَنْ وَجَدَهُمْ مِنَ الأَئِمَةِ، يَفْعَلُ فِيهِم مَا يَشَاءُ مِنَ القَتْلِ والسَّبِيِّ وغَيْرِ ذَلِكَ.
قالَ أَبو مُحَمَّدٍ: أَجْمَعَ المُسْلِمُونَ على إبَاحَةِ أَكْلِ طَعَامِ المُشْرِكِينَ بأَرْضِ العَدُوِّ بِغَيْرِ إذْنِ الإمَامِ، وَرَوَى نَافِعٌ عَنِ ابنِ عُمَرَ: "أَنَّ جَيْشًا غَنِمُوا في زَمَانِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - طَعَامًا وعَسَلًا فَلَمْ يُخَمِّسْهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وتَرَكَهُ لأَهْلِ العَسْكَرِ" (١).
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: إنَّمَا صُرِفَ إلى عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ فَرَسَهُ وعَبْدَهُ قَبْلَ قَسْمِ الغَنِيمَةِ ١٦٤٨، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ مَالُهُ ومِلْكُهُ بَاقٍ عَلَيْهِ، فإذا قُسِمَ مِثْلُ ذَلِكَ ولَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ
(١) رواه أبو داود (٢٧٠١)، وابن حبان (٤٨٢٥)، بإسنادهما إلى نافع به.