فَسَأَلَاهَا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَتْ: تَزَوَّجَهَا وَهُوَ حَلَالٌ ودَخَلَ بِهَا وَهُوَ حَلَالٌ، وهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ (١).
* وفِي حَدِيثِ عُثْمَانَ بنِ عَفانَ: "أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى المُحْرِمَ مِنْ أنْ يَنكِحَ أَو يُنكِحَ" ١٢٦٨ , وقَدْ فَسَخَ عُمَرُ نِكَاحَ مُحْرِمٍ عَقَدَا في حَالِ إحْرَامِهِ، وَبِهَذا أَخَذَ مَالِكٌ، لأَنَّ المُحْرِمَ لا يَنْكِحَ، وَمَتَى نَكَحَ في حَالِ إحْرَامِهِ فُسِخَ نِكَاحُهُ.
* ومَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ: (لا بَأْسَ أَنْ يُرَاجِعَ المُحْرِمُ امْرَأتَهُ إذا كَانَتْ في عِدَّةٍ مِنْهُ) ١٢٧٢ , يُرِيدُ: أَنَّ الزَّوْجِيَّةَ بَاقِيَةٌ بَيْنَهُمَا مَا دَامَتْ في العِدَّةِ، ولَيْسَ مُرَاجَعَتَهِ إيَّاهَا اسْتِئْنَافُ نِكَاحٍ، وإنَّمَا هُوَ إشْهَادُ الزَّوْجِ عَلَى نَفْسِهِ باسْتِدَامَةِ النِّكاحِ.
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: مَنِ احْتَجَمَ فَوْقَ رَأْسِهِ أَوفي قَفَاهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَحَلَقَ الشَّعَرَ لِمَوْضِعِ المَحَاجِمِ افْتَدَى، وفِدْيَتُهُ صِيَامُ ثَلَاثةُ أَيَّامٍ، أَو الطعَامُ سِتَّةُ مَسَاكِينَ مُذَيْنِ مُدَّيْنِ مِنْ طَعَامٍ لِكُل مِسْكِينٍ، أَو يُنْسِكُ بشَاة يَذْبَحُهَا حَيْثُ شَاءَ مِنَ البَلَادِ، وَهَكَذا يَفْعَلُ كُلُّ مَنْ أَمَاطَ عَنْ نَفْسِهِ شَيْئًا يَتَأَذَّى بهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ، أَو لَبسَ ثَوْبًا لِضَرُورَةٍ، أَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ، أو تَدَاوَى بِدَوَاءٍ فِيهِ طِيبٌ، فَمَنِ احْتَجَمَ ولَمْ يَحْلِقِ الشَّعَرَ لَمْ يَفْتَدِ.
* قالَ أَبو مُحَمَّدٍ: في حَدِيثِ أَبي قتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ حِينَ كَانَ (٢) بِطَرِيقِ مَكَةَ وَهُوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ وأَصْحَابُهُ مُحْرِمُونَ ١٢٧٨ , إنّما كَانَ قَدْ تَرَكَ الإحْرَامَ بَعْدَ أَنْ جَاوَزَ المِيقَاتَ مِنْ أَجْلِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ أَمَرَهُ بِتَرْكِ الإحْرَامِ، وَوَجَّهَهُ نَحْوَ طَرِيقِ البَحْرِ لِيَكُونَ لَهُمْ عَيْنًا، مَخَافَةَ العُدُوِّ فَلَقَا أنَّهُ رَأَى الحِمَارَ اسْتَوَى على فَرَسِهِ، ثُمَّ إنَّهُ سَألَ أَصْحَابَهُ أَنْ يُنَاوِلُوهُ رُمْحَهُ فَأَبَوُا عَلَيْهِ، مِنْ أَجْلِ إحْرَامِهِمْ، وأَنْ لا يُعَاوِنُوهُ عَلَى صَيْدِ ذَلِكَ الحِمَارِ، فَدَلَّ هَذَا عَلَى أن الُمحْرِمَ لا يُعَاوِنُ الصَّائِدَ عَلَى الإصْطِيادِ بِوَجْهٍ مِنَ الوُجُوهِ، فَصَادَ أَبو قَتَادَةَ ذَلِكَ الحِمَارَ لِنَفْسِهِ لا لأَصْحَابهِ
(١) رواه ابن عبد البر في الإستذكار ٤/ ٣٥٢، وصفية هي بنت شيبة، كما جاء في التمهيد ٣/ ١٥٥.
(٢) زيادة يقتضيها السياق.