* وقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: لا يَكُونُ القَطْعُ إلَّا في عَشَرَةِ (١) دَرَاهِمَ (٢)، واحْتَجَّ في ذَلِكَ بِحَدِيثٍ رَوَاهُ عَنْ عَمْروِ بنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبيهِ، عَنْ جَدِّه، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "القَطْعُ في عَشَرَةِ دَرَاهِمَ" (٣).
قالَ أَبو مُحَمَّدٍ: يُقَالُ لَهُ القَطْعُ في عَشَرَةِ دَرَاهِمَ كَمَا أنَّ القَطْعَ في مَائةِ دَرْهَمٍ وأَزْيَدَ، وقَدْ ثَبَتَ مِنْ حَدِيثِ ابنِ عُمَرَ: "أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَطَعَ في مِجَنٍّ قِيمَتُهُ ثَلَاثَة دَرَاهِمَ" ٣٠٧٤ , والمِجَنُّ: التُّرْسُ، ورَوَى الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: "أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَطَعَ في رُبع دِينَارٍ فَصَاعِدًا" (٤)، وقَطَعَ عُثْمَانُ في أُتْرُجَّةٍ قُوِّمَتْ بِثَلَاثةِ دَرَاهِمَ مِنْ صَرْفِ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا بِدِينَارٍ ٣٠٧٦.
قالَ مَالِكٌ: وكَانَتْ أُتْرُجَّةً تُؤْكَلُ وكَذَلِكَ قُوِّمَتْ، وأَنَّهَا سُرِقَتْ مِنْ حِرْزٍ لا مِنْ شَجَرَتِهَا.
* قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: وَجْهُ إبَائِةِ سَعِيدِ بنِ العَاصِ أنْ تُقْطَعَ يَدُ غُلَامِ ابنِ عُمَرَ حِينَ سَرَقَ وَهُوَ آبِقٌ ٣٠٨١ , مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ عَذَرَهُ بالضَّرُورَةِ الَّتي اضْطَرْتَهُ إلى السَّرِقَةِ لِمَغِيبه عَنْ نَفَقَةِ مَوْلَاهُ، وقَدْ رُوِيَ عَنِ ابنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: (لا قَطْعَ في عَامِ سَنَةٍ) (٥)، يُرِيدُ، لا قَطْعَ في عَامِ مَجَاعَةٍ، فَكَأَنَّ ذَلِكَ العَبْدُ الآبِقِ إنَّمَا سَرَقَ مِنْ جُوعٍ، فَعَذَرَهُ سَعِيدُ بنُ العَاصِي بِذَلِكَ، وأَبَى مِنْ قَطْعِ يَدِهِ.
* وقالَ مَالِكٌ: (يُقْطَعُ يَدُ العَبْدِ الآبِقِ إذا سَرَقَ مَا فِيهِ القَطْعُ) ٣٠٨٤ ,إنَّمَا قالَ: إنَّهُ يُقْطَعُ إذا لَمْ يَقُمْ لَهُ عُذْرٌ بالحَاجَةٍ.
قالَ: ولَا يَقْطَعُ السَّيِّدُ عَبْدَهُ إذا سَرَقَ دُونَ الإمَامِ، لِئَلَّا يُسْقِطَ عَنْ نَفْسِهِ العِتْقَ
(١) إلى هنا انتهت نسخة (ق) في هذا الموضع.
(٢) ينظر: بدائع الصنائع ٧/ ٧٧، وشرح فتح القدير ٥/ ٣٦٠.
(٣) رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار ١٦٣٣، بإسناده إلى عمرو بن شعيب به.
(٤) رواه البخاري (٦٤٠٧)، ومسلم (١٦٨٤)، بإسنادهما إلى الزُّهْرِيّ به.
(٥) رواه عبد الرزاق ١٠/ ٢٤٢، وابن أبي شيبة ١٠/ ٢٧، بإسنادهما إلى يحيى بن أبي كثير عن ابن عمر به.