لأَمْرِ اللهِ -جَلَّ وَعَزَّ-، وَرَضِيَ بِقَضَائهِ وَصَبرَ عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ كَوَى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - سَعْدَ بنَ زُرَارَةَ (١)، وكَوَى سَعْدَ بنَ مُعَاذٍ حِينَ قُطِعَ عِرْقَهُ يَوْمَ الخَنْدَقِ (٢)، وَفَعَلَ عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ مثْلَ ذَلِكَ.
* قَوْلُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في الحُمَّى: "أَبرِدُوَها بالمَاءِ" قالَ أَبو عُمَرَ: مَعْنَاهُ أَنْ يَتَبَرَّدَ المَحْمُومُ بالمَاءِ عَلَى قَدْرِ مَا يَحْتَمِلُ، إمَّا يَغْسِلُ، أَو يُرَشُّ، أَو يُبَلِّلُ، أو كَيْفَ مَا احْتَمَلَ، وَيُقَالُ: (اكْشِفِ البَأسَ رَبَّ النَّاسِ لَا شِفَاءَ إلَّا شِفَاءُكَ).
* قَوْلُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا عَدوَى"، يَعْنِي: أنَّهُ لَا يَتَحَوَّلُ شَيءٌ مِنَ الأَمْرَاضِ إلى غَيْرِ مَنْ بهِ المَرَضُ.
وقَوْلُهُ: "لَا هَامَ، ولَا صَفَرَ"، يَعْنِي: لَا تَتَطَيَّرُوا بِالْهَامِ، كَتَطَيُّرِ أَهْلِ الجَاهِلِيَّةِ بِهَا، وذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: إذا نَزَلَ طَيْرُ الهَامِ عَلَى بَيْتٍ خَرَجَ مِنْهُ مَيِّتٌ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في ذَلِكَ، وكَانُوا أَيْضَاً يَقُولُونَ: إذا كَثُرَتِ الصُّفَارُ في جَوْفِ الرَّجُلِ قَتَلَتْهُ، فَرَدَّ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - هذا مِنْ قَوْلهِمْ، وأَوْجَبَ أَنَّ الله -عَزَّ وَجَلَّ- هُوَ الفَاعِلُ لِذَلِكَ كُلِّهِ.
وقَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم -: "ولَا يَحِلُّ المُمْرِضُ عَلَى المُصِحِّ"، يَعْنِي: لَا يَحِلُّ صَاحِبُ الإبِلِ المِرَاضِ، أَو المَاشِيةُ المَرِيضَةِ عَلَى صَاحِبِ المَاشِيةِ الصَّحِيحَةِ، فَرُبَّمَا مَرِضَتِ الصِّحَاحُ فَيَقَعُ في نَفْسِ صَاحِبهَا أَنَّ بِسَببِ حُلُولِ صَاحِبِ الإبِلِ المَرِيضَةِ عَلَيْهِ مَرِضَتْ إبلُهُ، أَو مَاشِيتَهُ، فَسَادَاً بِهَذا الظَّنًّ.
(١) رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ٣٢١، من حديث أنس. وسعد بن زرارة هو أبو أمامة، ويقال له أسعد، وهو النقباء ليلة العقبة، وأول من بايع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلتئذ، وقد شهد العقبة الأولى والثانية والثالثة، وكان نقيب بني النجار، وهو أول من صلى الجمعة بالمدينة، مات قبل بدر سنة إحدى من الهجرة وهو أول من دفن بالبقيع، ينظر: تعجيل المنفعة ١/ ٣٢.
(٢) رواه أبو داود (٣٨٦٦)، وابن ماجه (٣٤٩٤)، وأحمد ٣/ ٣٦٣، من حديث جابر بن عبد الله.