السُّنَّةَ) (١)، قُلْتُ: ويُؤَكِّدُ هذا التَّفْسِيرَ أنَّ للشَّافِعِيِّ قَوْلٌ يُوضِّحُ قَوْلَهُ الأوَّلِ فقالَ: (المُحْدَثَاتِ ضَرْبانِ، مَا أُحْدِثَ يُخَالِفُ كِتَاباً أو سُنَّة أو أثرًا أو إجْمَاعاً فَهَذِه بِدْعَةُ الضَّلاَلِ، وما أُحْدِثَ مِنَ الخَيْرِ لاَ يُخَالِفُ شَيْئا مِنْ ذَلِكَ فَهَذِه مُحْدَثةٌ غيرُ مَذْمُومةٍ) (٢).
٨ - حكم بقتل كل من سبّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -أو ازدراه، وحكم أيضاً بقطع نصيب من سبّ أحداً من الصحابة، فقال وهو يتحدَّث عن سبب أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتل ابن خَطَل عند فتح مكّة: (وهَذا حُكْمُ كُلِّ مَنْ سَبَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، أَو قَالَ: إنَّ ثَوْبَهُ أو إزَارَهُ وَسِخٌ أَنْ يُقْتَلَ، وَهُوَ يُرِيدُ بِذَلِكَ كُلِّه الإزْرَاءَ بِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَحُكْمُهُ القَتلُ. وكَذَلِكَ لاَ حَظَّ فِي شَيءٍ مِنَ الفَيءِ، ولَا سَهْمَ لِمَنْ دسَبَّ وَاحِدَاً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَرَضِيَ اللهُ عَنْ جَمِيعِ أَصْحَابهِ) (٣).
ثانياً: تَفْسِيرُ القُرآنِ الكَرِيمِ:
لقدْ عُنِي أَبو المُطَرِّفِ عِنَايةً جَيَّدة بإيرادِ الآياتِ القُرآنيةِ وتَفْسِيرِهَا وتَوْجِيهِهَا، والإحْتِجَاجِ بِهَا على الخُصُومِ والمُخَالِفِينَ.
وفِيمَا يَلِي بعضَ النَّمَاذِجِ:
فقال: (قولَ اللهِ تباركَ وتعَالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} يعني: {طَرَفَيِ النَّهَارِ} صَلاةً الصُّبْحِ والظُّهرِ والعَصْرِ، {وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} المَغْرِبَ والعِشَاءَ {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} (٤) هود: ١١٤.
(وقَوْلُهُ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا}، يَعْنِي: {اصْبِرُوا} عَلَى طَاعَةِ اللهِ، {وَصَابِرُوا} أَي: صَابِرُوا المُشْرِكِينَ، {وَرَابِطُوا}، يَعْنِي: جَاهِدُوا في سَبِيلِ اللهِ، {وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} آل عمران: ٢٠٠ والفَلَاحُ:
(١) جامع العلوم والحكم ص ٢٦٧.
(٢) ذكره ابن حجر في فتح الباري ١٣/ ٢٥٣.
(٣) ص ٦٧٤.
(٤) ص ١٣٧.