غَيرُ السُّرَى وسَائِقٍ نَجَّاشِ
- وَ قَوْلُهُ: "وَلَا تُصَرُّوا الإبِلَ". يُقَالُ: صَرَّيتُ المَاءَ في الحَوْضِ، واللَّبَنَ في الضَّرْعِ، وَصَرَيتُهُ، ومَاءٌ صِرىً وَصَرىً: إِذَا اجْتَمَعَ في مَوْضِعٍ واسْتَنْقَعَ وَبقِيَ حَتَّى يَتَغَيَّرَ ويَصْفَرَّ فَلَا يُقْدَرُ عَلى شُرْبِهِ، لِذلِكَ قَال ذُو الرُّمَّةِ (١):
صَرًى آجِنٌ يَزْوي (٢) لَهُ المَرْءُ وَجْهَهُ ... وَلَوْ ذَاقَهُ ظَمآن فِي شَهْرِ نَاجِرِ
وَمِثْلُ المُصَرَّاةُ: المُحَفَّلَةُ، وَمِنْهُ: "بَيعُ المُحَفَّلاتِ خِلابَةٌ، وَلَا تَحِلُّ خِلابَةُ مُسْلِمٍ".
قَال الشَّاعِرُ (٣):
مُحَفَّلَةً تُظَنُّ أَوَانَ رَاحَتْ ... مُعَلَّقَةً بِأَحْقِيهَا الدُّلِيُّ
الأحْقِيُّ: جَمْعُ حِقْوٍ، وَهُوَ الخِصْرُ. الدَّلْوُ يُجْمَعُ عَلَى دُلِيٍّ، أَي: مَنْ رآهَا يَظُنُّ أَنَّ الدُّلِيَّ قَدْ عُلِّقَتْ بِخَوَاصِرِهَا مَمْلُوءَةً مَاءً.
وَرَوَى بَعْضُ الفُقَهَاءِ -لا تَصُرُّوا الإبِلَ؛ أَي: لَا تَشُدُّوا ضُرُوعَهَا لِئَلَّا يُرْضَعَ لَبَنُهَا أَوْ تُحْلَبَ- وَكَذلِكَ يَفْعَلُوْنَ بالإبِلِ -بِفَتْحِ التَّاءِ، وضَمِّ الصَّادِ، وَذلِكَ خَطَأٌ، يُقَالُ: صَرَرْتُ النَّاقَةَ، واسْمُ مَا يُشَدُّ بِهِ ضرْعُهَا الصِّرَارُ، ورَدُّوا (٤) هَذ الرِّوَايَةُ جُمْلَةً، وَقَالُوا: قَوْلُهُ: "مُصَرَّاةٌ" لَوْ كَانَتْ مِنْ صَرَرْتُ مُخَفَّفَةً لَقَال: مَصْرُوْرَةً؟ .
قَال (ش): وَمَا قَالُوا لَا يَلْزَمُ؛ لإمْكَانِ أَنْ يَكُوْنَ أَصْلُ مُصَرَّاةٍ مُصَرَّرَةً بِثَلاثِ رَاءَاتٍ فَكَرِهُوا اجْتِمَاعَ الرَّاءَاتِ فَأَبْدَلُوا مِنَ الثَّالِثَةِ يَاءً، كَمَا قَالُوا: تَظَنَّيتُ
(١) ديوانه (١٦٧٨).
(٢) في الأصل: "يجوى".
(٣) لم أجده في مصادري.
(٤) في الأصل: "ورد".