رواية غَيرِهِ "يَهْجُرُ" ويُهَاجِرُ: لَا يَكُوْنُ إلَّا مِنْ اثْنَينِ فَصَاعِدًا، والهَجْرُ فِعْلُ الوَاحِدِ. وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ الاهْتِجَارُ بِمَعْنَى المُهَاجَرَة يُقَالُ: اهتَجَرَ الرَّجُلَانِ (١) بِمَعْنَى اقْتَتَلَا. قَال عَبْدُ الرَّحْمن بنُ حَسَّانَ (٢):
بُلِينَا بِهِجْرَانٍ وَلَمْ أَرَ مِثْلَنَا ... مِنَ النَّاسِ إِنْسَانَينِ يَهْتَجِرَانِ
- وَ قَوْلُهُ: "لَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَدَابَرُوا" ١٤. التَّدَبُرُ: التَّقاطُعُ؛ لأنَّ المُتَقَاطِعَينِ يُوَلِّي كُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ دُبُرَهُ. والحَسَدُ نَوْعَانِ: مَحْمُوْدٌ، وَهِيَ المُنَافَسَةُ في الخَيرِ، وَمِنْهُ حَدِيثُ ابنِ مَسْعُوْدٍ: "لَا حَسَدَ إلا في اثْنتينِ"، ومَذْمُوْمٌ، وهو أَنْ يَسُوْءَهُ مَا أَنْعَمَ اللهُ بِهِ عَلَى أَخِيهِ ويَتَمَنَّى سَلْبَ نِعْمَتِهِ، فَهَذَا الحَسَدُ إِذَا لَمْ يَتْبَعُهُ بَغْيٌ وتَعَدٍّ فَهُوَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ.
- وَ قَوْلُهُ: "لَا تَجَسَّسُوا ولَا تَحَسَّسُوا" ١٥. التَّحَسُّسُ: التَّسَمُّعُ لِحِسِّ الشَّيءِ وَحَرَكَتِهِ. وَبِالجِيمِ: تَعَرُّفُ الأَخْبَارِ والبَحْثِ عَنْهَا.
- وَ قَوْلُهُ: "تَصَافَحُوا يَذْهَبُ الغِلُّ" ١٦. التَّصَافُحُ: أَنْ يُصَافِحُ الرَّجُلُ صَفْحَةَ كَفِّهِ في صَفْحَةِ كَفِّ صَاحِبِهِ، وَتَكُوْنُ مُعَانَقَةً وبِغَيرِ مُعَانَقَةٍ.
- وَقَوْلُهُ: "إلا رَجُلًا" ١٧. النَّصْبُ عَلَى الاسْتِثناءِ هُوَ الوَجْهُ، وأَمَّا الرَّفْعُ فَهُوَ خَطَأ، لَا وَجْهَ لَهُ، وَلَوْ خَفَضَهُ خَافِضٌ عَلَى الصَّفَةِ لِـ"كُلٍّ" وَجَعَلَ "إلَّا" بمعنى "غَير" أَو البَدَلِ مِثْهُ لَكَانَ غَيرَ مُمْتَنِعٍ فَيَكُوْنُ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ (٣):
(١) في الأصل: "الرحل".
(٢) لَمْ يَرِدْ في شِعْرِ عَبْدِ الرَّحْمَن بنِ حَسَّان، وهو في "الاقْتِضَاب" عنِ المُؤلِّفِ.
(٣) هُوَ عَمْرُو بنُ مَعْدِي كَرِبٍ الزُّبَيدِيُّ، والبَيتُ في ديوانه (١٦٧)، قَال الأعْلَمُ: "وَيُرْوَى لِسَوَّارِ بنِ المُضَرِّبِ"، وقِيلَ: هو لِحَضْرَمِيِّ بن عَامرٍ الأسَدِيِّ، وَعَجُزُهُ: =