بِالتَّحْدِيثِ، ثمَّ اعلمْ أَن رِوَايَة تَزْوِيجه عَلَيْهِ السَّلَام مَيْمُونَة فِي حَال إِحْرَامه هُوَ من رِوَايَة ابْن عَبَّاس، كَمَا ذكرتُه لكَ، وَهُوَ (مِمَّن) انْفَرد بذلك، وَرِوَايَة الجَمِّ الْغَفِير: «أَنه تزوَّجها حَلَالا» .
كَذَا رَوَاهُ أَكثر الصَّحَابَة، ونبَّه عَلَى ذَلِك الرافعيُّ أَيْضا، حَيْثُ قَالَ: أَكثر الرِّوَايَات عَلَى أَنه جَرَى وَهُوَ حَلَال.
وَقَالَ القَاضِي عِيَاض وغيرُه: لم يَرْوِ أَنه تزوَّجها محرما إِلَّا ابْن عَبَّاس (وَحده، وروت مَيْمُونَة وَأَبُو رَافع وَغَيرهمَا: «أَنه تزَوجهَا حَلَالا» .
وهُم أعرف بالقصة من ابْن عَبَّاس؛ لتعلقهم بهَا، وَلِأَنَّهُم (أضبط) من ابْن عَبَّاس) وَأكْثر.
قلت: وَحَاصِل التَّرْجِيح تِسْعَة أوجه:
أَحدهَا: بُلُوغ أبي رَافع إِذْ ذَاك، وصِغَر ابْنِ عَبَّاس؛ فَإِنَّهُ لم يبلغ الحُلُم إِذْ ذَاك.
ثَانِيهَا: أَنه كَانَ الرَّسُول بَينهمَا، كَمَا صرَّح بِهِ فِي الحَدِيث.
ثَالِثهَا: أَن ابْن عَبَّاس لم يكن مَعَه فِي تِلْكَ الْعمرَة؛ بل كَانَ فِي الولْدَان بِالْمَدِينَةِ.
رَابِعهَا: أَن الصَّحَابَة (غلطوا ابْن عَبَّاس فِي ذَلِك وصوبوا رِوَايَة غَيره. قَالَ ابْن الْمسيب: وهم ابْن عَبَّاس فِي ذَلِك) رَوَاهُ عَنهُ