• منزلته في الرواية عن مالك:
تقدّم قول ابن عبد البر رحمه الله: "ولم يكن له بصر بالحديث".
قال الذهبي: "نعم، ما كان من فرسان هذا الشأن، بل كان متوسِّطًا فيه رحمه الله" (١).
قلت: فلذا أُخذ عليه في روايته للموطأ أوهام نبّه عليها كثيرٌ من العلماء كابن عبد البر، وابن الحذاء، وأبي العباس الداني، وغيرهم.
وقال محمد بن حارت الخشني: "وذكر بعضُ الناس أنّه كان ليحيى بن يحيى في موطأ مالك بن أنس رحمه الله، وفي غيره تصحيف، فأما إبراهيم بن محمد بن باز (٢) فكان يُكثر على يحيى في ذلك ويقول: غلط يحيى في الموطأ في نحو من ثلاثمائة موضع، فذُكر ذلك لأحمد بن خالد فقال: لا ولا، هذا كلّه الذي صح من ذلك نحو ثلاثين موضعًا.
قال محمد (أي الخشني): قال لي يعلى بن سعيد: حصَّل محمد بن وضاح ذلك الغلط كله فأصاب ستة وثلاثين موضعًا.
قال محمد: وقرأت تلك المواضع كلها في كتاب محمد بن عبد الملك بن أيمن، وإنَّما هي في الإسناد ليس في متون الأحاديث". اهـ.
ثم ذكرها محمد بن حارث الخشني حديثًا حديثًا، وتكلَّم على غلط يحيى ووهمه، وبعضها مما توبع عليه يحيى، وسيأتي ذكر بعضها في هذا الكتاب (٣).
(١) السير (١٠/ ٥٢٣).
(٢) هو أحد رواة الموطأ عن يحيى بن يحيى عن مالك، كما سيأتي.
(٣) انظر: أخبار الفقهاء والمحدثين (ص: ٣٤٩ - ٣٥٨)، وقد جمعتها في جزء مفرد، يسَّر الله إخراجه.