وَإِلَى ذَلِك فَإِن حريز بن عُثْمَان كَانَ لَهُ - فِيمَا زَعَمُوا - رَأْي سيئ فِي بعض الصَّحَابَة.
والوليد بن مُسلم كَانَ يُدَلس وَيُسَوِّي، وَلم يقل فِي هَذَا الحَدِيث: حَدثنَا وَلَا أخبرنَا، وَلَا سَمِعت، وَلَا ذكر عَن حريز أَنه قَالَ ذَلِك.
فَمن حَيْثُ هُوَ مُدَلّس، يُمكن أَن يكون قد أسقط بَينه وَبَين حريز وَاسِطَة، وَمن حَيْثُ هُوَ مسو، يُمكن أَن يكون قد أسقط من بَين حريز وَعبد الرَّحْمَن بن ميسرَة وَاسِطَة.
وَلَقَد زعم الدَّارَقُطْنِيّ أَنه كَانَ يفعل هَذَا فِي أَحَادِيث الْأَوْزَاعِيّ، يعمد إِلَى أَحَادِيث رَوَاهَا الْأَوْزَاعِيّ عَن أَشْيَاخ لَهُ ضعفاء، عَن أَشْيَاخ لَهُ ثِقَات، فَيسْقط الضُّعَفَاء من الْوسط، وَيَتْرُكهَا عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن أشياخه الثِّقَات، كَأَنَّهُ سَمعهَا مِنْهُم، وَهَذَا هُوَ التَّسْوِيَة بِإِسْقَاط الضُّعَفَاء، وَهُوَ أقبح التَّسْوِيَة، فَإِنَّهَا على قسمَيْنِ:
إِمَّا بِإِسْقَاط الثِّقَات، وَإِمَّا بِإِسْقَاط الضُّعَفَاء، كَمَا أَن التَّدْلِيس أَيْضا؛ إِمَّا بِإِسْقَاط الثِّقَات، وَإِمَّا بِإِسْقَاط الضُّعَفَاء، فَمَا كَانَ من التَّدْلِيس والتسوية بِإِسْقَاط الضُّعَفَاء، يَنْقَسِم قسمَيْنِ:
قسم هُوَ إِسْقَاط ضعفاء عِنْده وَعند غَيره، فَهَذَا إِذا فعله يكون بِهِ مجرحا، وَقسم هُوَ إِسْقَاط قوم ضعفاء عِنْد غَيره، ثِقَات عِنْده، وَهَذَا لَا يكون بِهِ مجرحا.
وَمن هَذَا الْقَبِيل هُوَ قَول الدَّارَقُطْنِيّ المحكي عَن الْوَلِيد بن مُسلم، أَعنِي أَن يكونن يسْقط من بَين الْأَوْزَاعِيّ وَبَين أشياخه الثِّقَات، قوما روى عَنْهُم وهم عِنْد الْوَلِيد ثِقَات، وَإِن كَانَ غَيره يضعفهم، فَلَا يكون بِعَمَلِهِ الْمَذْكُور مضعفا. وَالله أعلم