وَأَبُو مُحَمَّد - رَحمَه الله - لَو أطلقها كَمَا يطلقهَا الْمُحدث، لم يفهم مِنْهَا إِلَّا مَا ذَكرْنَاهُ، وَلكنه يوردها عقيب أَحَادِيث لَا يتبعهَا مِنْهُ قَول آخر، فَتوهم من لَا علم عِنْده بِالْأَسَانِيدِ صِحَة الْأَحَادِيث.
وعَلى أَن كَلَامه الْمَذْكُور فِيهِ شَيْء من جِهَة النَّقْل، وَذَلِكَ أَنه نسب قَوْله: " إِنَّه أصح الْأَسَانِيد " إِلَى البُخَارِيّ، وَعين مَوضِع ذكره لَهُ، وَهُوَ علل التِّرْمِذِيّ.
وَالَّذِي هُنَاكَ إِنَّمَا هُوَ: " سَأَلت البُخَارِيّ عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: الصَّحِيح مَا رَوَاهُ شُعْبَة ووهيب، وَقَالا: عَن أَبِيه، وَرُبمَا قَالَ ابْن عُيَيْنَة فِيهِ هَذَا الحَدِيث: عَن أَبِيه ".
فَمَا فِي هَذَا عَن البُخَارِيّ أَنه قَالَ: هُوَ أصح الْأَسَانِيد، وَإِنَّمَا قَالَ: الصَّحِيح رِوَايَة من زَاد: " عَن أَبِيه "، يَعْنِي رِوَايَة شُعْبَة، ووهيب، وَابْن عُيَيْنَة فِي بعض الرِّوَايَات، عَنهُ وَذَلِكَ لَا يُفِيد صِحَة الحَدِيث الَّذِي قيل فِيهِ ذَلِك ، بِخِلَاف مَا إِذا قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح.
وَبينا أَيْضا أَن عَن شُعْبَة فِيهِ رِوَايَة لم يقل فِيهَا " عَن أَبِيه ".
وَنَذْكُر الْآن رِوَايَة وهيب الْمُوَافقَة للمشهور عَن شُعْبَة الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا البُخَارِيّ.
قَالَ أَبُو عَليّ بن السكن: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الدغولي ... . حَدثنَا وهيب، عَن مَنْصُور، عَن مُجَاهِد، عَن الحكم بن سُفْيَان