عَن أَبِيه قَالَ: " رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَوَضَّأ وَأخذ مَاء فنضح بِهِ ".
فقد ذكرنَا الْآن عَن شُعْبَة فِي رِوَايَة، ووهيب زِيَادَة عَن أَبِيه، وَهِي الَّتِي تعتمد فِي إعلال الْخَبَر، فَإِن زِيَادَة " عَن أيبه " يَقْتَضِي للْحكم بِأَنَّهُ لَيْسَ بصحابي، فَيتَعَيَّن النّظر فِي حَاله، وتلمس عَدَالَته، وَهِي لم تثبت.
وَلَعَلَّ قَائِلا يَقُول: فَلَعَلَّهُ أَيْضا قد رأى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَمَا رَآهُ أَبوهُ، أخذا من رِوَايَة من لم يقل: " عَن أَبِيه " فَنَقُول لَهُ: فَمَا فِي هَذَا أَكثر من دعواهما أَنَّهُمَا رَأيا، وسمعا، وَإِذا لم يعرفا بِالْعَدَالَةِ لم يقبل مِنْهُمَا، لِأَنَّهُمَا قد يدعيان مَا شاءا.
وعَلى أَنه قد نَص الْعلمَاء على أَنه لم يدْرك النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
قَالَ البُخَارِيّ فِي تَارِيخه فِي بَاب الحكم بن سُفْيَان الْمَذْكُور: قَالَ بعض ولد الحكم: لم يدْرك الحكم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
وَقَالَ عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل فِي علله: أَخْبرنِي أبي، عَن شَاذان، عَن شريك، سَأَلت أهل الحكم بن سُفْيَان، فَذكرُوا أَنه لم يدْرك النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
وَذكر أَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة، أَنه قَالَ: سَأَلت آل الحكم ابْن سُفْيَان، فَقَالُوا: لم تكن لَهُ صُحْبَة.
وَقد تغير فِي أمره كَلَام أبي عمر بن عبد الْبر، حِين قَالَ: سَمَاعه النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عِنْدِي صَحِيح، لِأَنَّهُ نَقله الثِّقَات، مِنْهُم سُفْيَان الثَّوْريّ، وَلم يُخَالِفهُ من هُوَ فِي الْحِفْظ والإتقان مثله.