وَأما البُخَارِيّ رَحمَه الله فَذَلِك عَنهُ بَاطِل، وَلم يَصح قطّ عَنهُ، وَإِنَّمَا هِيَ تخيلات عَلَيْهِ أَنه كَانَ يكنى عَن مُحَمَّد بن يحيى الذهلي لما توقف.
وَمن تِلْكَ الْأَحْوَال أَحْوَال المسوين، والتسوية نوع من أَنْوَاع التَّدْلِيس، إِنَّمَا هِيَ أَن يسْقط شيخ شَيْخه الضعْف، وَيجْعَل الحَدِيث عَن شَيْخه. كَانَ الْوَلِيد بن مُسلم فِيمَا ذكر أَبُو مسْهر يُدَلس فِي أَحَادِيث الْأَوْزَاعِيّ، فيروي عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن شيخ للأوزاعي، فَيسْقط الرجل الَّذِي عَنهُ رَوَاهُ الْأَوْزَاعِيّ ويعنعنه عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن شيخ ذَلِك الْمسْقط الَّذِي هُوَ شيخ الْأَوْزَاعِيّ أَيْضا.
مِثَاله أَن، يعمد إِلَى حَدِيث يرويهِ الْأَوْزَاعِيّ، عَن شيخ ضَعِيف، عَن الزُّهْرِيّ.
وَالزهْرِيّ شيخ للأوزاعي، فَيسْقط الْوَلِيد الْوَاسِطَة الضَّعِيف، الَّذِي بَين الْأَوْزَاعِيّ وَالزهْرِيّ.
فَهُوَ إِذا عمل ذَلِك فِي حَدِيث نَفسه، سمي تدليساً، وَإِذا عمله فِي حَدِيث شَيْخه، سمي تَسْوِيَة.
وَحكم التَّسْوِيَة حكم التَّدْلِيس سَوَاء، فِي انقسام الَّذِي أسقط إِلَى ثِقَة وَضَعِيف.
وَأَبُو مُحَمَّد - رَحمَه الله - لم يعْتَبر هَذَا الْمَعْنى من أَحْوَال الروَاة، وَهُوَ فِي كثير من الْأَحَادِيث الَّتِي قد مر ذكرهَا، وَفِي كثير مِمَّا لم نعرض لَهُ كَمَا لم نعرض لأحاديث المدلسين.