الحديث يدل على نهي النبي- -صلى الله عليه وسلم- للصحابة عن كتابة شيء غير القرآن، (١) وأن القرآن كان مأذونًا لهم في كتابته. (٢)
٢ - ومنها ما ثبت عند مسلم من حديث أبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ- رضي الله عنه- قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: " اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ … ". (٣)
ولاشك أن المقروء لابد أن يكون مكتوبًا. وهذا الحديث وأضرابه كثير جدًا.
٣ - ومنها ما ثبت عند البخاري من حديث عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود-رضي الله عنه- قَالَ: "بَنِي إِسْرَائِيلَ وَالْكَهْفُ وَمَرْيَمُ وَطه وَالأَنْبِيَاءُ هُنَّ مِنْ الْعِتَاقِ الأُوَلِ وَهُنَّ مِنْ تِلادِي أي: من قديم ما قرأته ". (٤)
ولاشك أنه- رضي الله عنه- إنما قرأ هذه السور من لوح مكتوب كذلك.
والأدلة على ما يدل على كتابة القرآن الكريم في عهده -صلى الله عليه وسلم- كثيرة جدًا ومعروفة.
وقد ساق الباحث ما يدلل عليها تجنبًا للإطالة ولعل في الإشارة ما يغني عن كثير من العبارة. والحمد لله رب العالمين.
ذلك ومع أن أدواة الكتابة في هذا العهد المبارك كانت بدائية للغاية لحكمة أرادها الله كما سيأتي معنا بيان ذلك بالتفصيل إلا أن النبي- صلى الله عليه وسلم-اتخذ كُتّابًا للوحي ينسخون ما يملي عليهم وما يحفظونه بين يديه- صلى الله عليه وسلم-.
كُتّاب الوحي:
" وكُتَّاب جمع كاتب، والكاتب عند العرب هو العالم، ومنه قوله تعالى: (أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ) (الطور: ٤١) (٥).
وقد اتَّخذ الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - كُتَّاباً للوحي، منهم من كان يكتب أحيانًا، ومنهم من كان متفرِّغًا للكتابة ومتخصِّصًا لها، وكان هؤلاء الكُتّاب من خيرة الصَّحابة- رضي الله عنهم أجمعين- وقد مر معنا ذكر أبرزهم، وكانوا يكتبون على ما توفَّر عندهم من جريد النَّخل،
(١) نهي النبي لكتابة الحديث النبوي كان هذا في أول الأمر خشية أن يلتبس القرآن بالسنة، أو لأجل أن يخص القرآن بالعناية.
(٢) - جمع القرآن الكريم حفظًا وكتابة، د. علي بن سليمان العبيد: (ص: ٢١) وما بعدها.
وسيأتي بعد قليل الكلام عن حديث أبي سعيد الخدري وتوجيهه.
(٣) - رواه مسلم برقم: (٨٠٤).
(٤) رواه البخاري برقم: (٤٧٣٩).
(٥) - ابن منظور، لسان العرب، بيروت: دار صادر، صفحة ٦٩٩، جزء ١. بتصرّف.