والصحابة- رضي الله عنهم- خير هذه الأمة وأكثرها تعظيمًا لله ولدينه ولشرعه وأبعدها من الابتداع والإحداث في دينه الله ما ليس منه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (ت: ٧٢٥ هـ) - رحمه الله:
" … فهكذا كان الصحابة ومن سلك سبيلهم من التابعين لهم بإحسان وأئمة المسلمين، فلهذا لم يكن أحد منهم يعارض النصوص بمعقوله، ولا يؤسس دينًا غير ما جاء به الرسول، وإذا أراد معرفة شيء من الدين والكلام فيه نظر فيما قاله الله والرسول، فمنه يتعلم وبه يتكلم، وفيه ينظر ويتفكر، وبه يستنير فهذا أصل أهل السنة". (١)
ومشاركة جمع من الصحابة- رضي الله عنهم- في هذا الجمع يُعد إجماعًا سكوتيًا لأنه ليس له أي معارض منهم أبدًا، وذلك وحده كاف في حسم القضية، لأنهم يستحيل اجتماعهم- رضي الله عنهم- على ضلالة أبدًا.
والله تعالى قد أجار هذه الأمة من أن تجْتَمِع عَلَى ضَلالَة، ولقد أجمع أهل العلم على ذلك وأن هذه العصمة باقية إلى قيام الساعة.
ولقد صحت السنة الثابتة عن المعصوم-صلى الله عليه وسلم- بذلك، فقد ثبت من حديث كَعْبِ بْنِ عَاصِمٍ (ت: ١٨ هـ) - رضي الله عنه - (أنه) قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَجَارَ لِي عَلَى أُمَّتِي مِنْ ثَلاثٍ لا يَجُوعُوا وَلا يَجْتَمِعُوا عَلَى ضَلالَةٍ وَلا يستباح بيضة المسلمين". (٢)
ومن حديث ابن عمر (ت: ٧٣ هـ) - رضي الله عنهما- قال:
قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: " إن الله تعالى لا يجمع أمتي على ضلالة ويد الله على الجماعة "). (٣)
(١) مجموع الفتاوى: (١٣ - ٦٢ - ٦٣).
(٢) - حسنه الألباني في الصحيحة (١٣٣١). قال الألباني بعد أن ساق للحديث عدة طرق: "ورجاله ثقات غير محمد بن إسماعيل بن عياش، قال أبو داود: لم يكن بذاك.
وقال أبو حاتم: لم يسمع من أبيه شيئا، حملوه على أن يحدث عنه فحدث.
قلت (الألباني): فالحديث بمجموع هذه الطرق حسن. يُنظر: " الضعيفة " (١٥١٠) ".
(٣) - قال الألباني في صحيح الجامع الصغير: (صحيح) … ت عن ابن عمر. المشكاة ١٧٣، السنة ٨٠، طب، ك، هق في (الأسماء) روي أيضًا موقوفًا على ابن مسعود رضي الله عنه.