ثبت عند البخاري وغيره عن عائشة عن فاطمة- رضي الله عنهما- أنها قالت:
"أسَرَّ إليَّ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّ جبريلَ كانَ يعارضُنِي بالقرآنِ كلَّ سنةٍ وأنهُ عارضَنِي العامَ مرَّتينِ ولا أراهُ إلا حضَرَ أجَلِي". (١) (٢)
وفي ذلك يقول أبو عبد الرحمن السُلميّ (ت: ٧٤) -رحمه الله-:
قرأ زيد بن ثابت على رَسُول اللهِ -صلى الله عليه وسلم- في العام الذي توفَّاه الله فيه مرتين، وإنَّما سمِّيَت هذه القراءة قراءة زيد بن ثابت؛ لأنه كتبها لرَسُول اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، وقرأها عليه وشهد العرضة الأخيرة، وكان يقرئ الناس بِها حتى مات، ولذلك اعتمده أبو بكر وعمر في جمعه، وولاه عثمان كتبة المصاحف. (٣)
وفي نحو ذلك يقول أبو عمرو الداني-رحمه الله- في الأرجوزة المنبهة:
وكان يعرض على جبريل … في كل عام جملة التنزيل
فكان يقريه في كل عرضة … بواحد من الحروف السبعة (٤)
حتى إذا كان بقرب الحين … عرضه عليه مرتين (٥)
ويقول القسطلاني (ت: ٩٢٣ هـ) -رحمه الله-:
"وقد كان القرآن كله مكتوبًا في عهده-صلى الله عليه وسلم-، لكن غير مجموع في موضع واحد، ولا مرتب السور". (٦)
(١) - البخاري المناقب (٣٤٢٦)، مسلم فضائل الصحابة (٢٤٥٠)، الترمذي المناقب (٣٨٧٢)، ابن ماجه ما جاء في الجنائز (١٦٢١)، أحمد (٦/ ٧٧).
(٢) - البخاري، فضائل القرآن: ٦/ ١٠١، المناقب، رقم: ٣٣٥٣، مسلم، فضائل الصحابة رقم: ٢٤٥٠، أبو داود رقم: ٥٢١٧، مسند أحمد، رقم: ٢٥٢٠٩، وراجع فضائل القرآن لأبي الفضل الرازي، ص: ٥١، البرهان للزركشي: ١/ ٢٣٢، لطائف الإشارات للقسطلاني: ١/ ٢٣.
(٣) - رواه أحمد في مسنده، مسند بني هاشم (١/ ٥٩٨) ح ٣٤١٢، ورواه النسائي في السنن الكبرى كتاب فضائل القرآن (٣/ ٧)، وكتاب المناقب (٤/ ٣٦).
(٤) - وهذا التفصيل لا يصح وهو محل نظر عند أهل التحقيق وقد قال به غير واحد من أهل العلم غير الداني. وإذا تأملنا في زمن الاستزادة من الأحرف السبعة تحقق لدينا أن ذلك كان في المدينة قبيل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بقرابة عام أو عامين اثنين على الأكثر، فكيف كان يعرض عليه في كل عام بحرف من الأحرف السبعة! وهي لم تنزل بعد! وهذا خلف من القول من عَلَمٍ كأبي عمرو الداني، ولكن جل من لا يسهو .. الباحث.
(٥) -الأرجوزة المنبهة لأبي عمرو الداني، الأبيات رقم: (٧٠ - ٧٢)، (ص: ٨٧).
(٦) يُنظر: إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري: (٧/ ٤٤٦).