الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ. فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ. إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} (الكوثر كاملة: ١ - ٣). (١)
وكذلك من السور التي نزلت جملة واحدة سورة النصر:
فعن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، قال: قال لي ابن عباس: تعلم آخر سورة نزلت من القرآن، نزلت جميعًا؟ قلت: " نعم، إذا جاء نصر الله والفتح "، قال: صدقت. (٢)
وكذلك من السور التي نزلت جملة واحدة سورة المسد:
ثبت في الصحيحين من حديث عَنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: صَعِدَ النَّبِيُّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الصَّفَا ذَاتَ يَوْمٍ، فَقَالَ: (يَا صَبَاحَاهْ)، فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ قُرَيْشٌ، قَالُوا: مَا لَكَ؟ قَالَ: (أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ العَدُوَّ يُصَبِّحُكُمْ أَوْ يُمَسِّيكُمْ، أَمَا كُنْتُمْ تُصَدِّقُونِي؟)
قَالُوا: بَلَى، قَالَ: (فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ) فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ، أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ) (المسد: ١). (٣)
وكذلك من السور التي نزلت جملة واحدة سورتا المعوذتين:
فعن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ألم تر آيات أنزلت الليلة لم ير مثلهن قط، {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}. (٤)
والخلاصة فيما سبق:
أن نزول كثير من سور قصار المفصل نزلت جملة واحدة هو أمر ثابت بأدلة صحيحة صريحة، كالفاتحة والقدر والماعون والمسد والكوثر والفيل والنصر والكافرون والإخلاص والفلق والناس. وكذا الفتح.
وأما ما ذكره بعض أهل التفسير من أن سورًا عدة قد نزلت جملة واحدة كذلك ولا سيما من الطوال، فإن أغلب تلك الأقوال محل نظر واجتهاد والخلاف فيها معلوم لأنها أقوال اجتهادية لم تنهض بها حجة واضحة من دليل صحيح صريح ثابت، ولذا لم يذكر الباحث إلا ما ثبت لديه بالدليل الصحيح الثابت الصريح.
(١) أخرجه مسلم في ٤ - كتاب الصلاة ١٤ - باب حجة من قال: البسملة آية من أول كل سورة سوى براءة ١/ ٣٠٠ ح رقم ٤٠٠.
(٢) صحيح مسلم في صدر كتاب التفسير ٤/ ٢٣١٨ ح رقم ٣٠٢٤.
(٣) - رواه البخاري: (٤٨٠١)، ومسلم: (٢٠٨).
(٤) - أخرجه مسلم ٦ - كتاب المسافرين وقصرها ٤٦ - باب فضل قراءة المعوذتين ١/ ٥٥٨ ح رقم ٨١٤.