فالمصحف كالصحف الكريمة على وفق ما في الكتاب المكنون مرتبة سوره كلها وآياته بالتوقيف … قلت: وهو مبني على أن ترتيب السور توقيفي وهذا الراجح. (١)
ولاشك أن مثل قول الزركشي له قيمته العلمية وله مكانته وقدره كذلك، لكونه قد ناقش أدلة كل فريق من جهة، ولتمكنه من هذا العلم من جهة ثانية.
القول الثاني: قول السيوطي (ت: ٩١١ هـ) في الإتقان -رحمه الله-:
"ومما يدل على أنه توقيفي كون الحواميم رتبت وَلاءً "يعني متوالية" وكذا الطواسين، ولم ترتب المسبحات وَلاءً، بل فصل بين سورها وفصل بين "طسم" الشعراء و"طسم" القصص بـ "طس" مع أنها أقصر منهما، ولو كان الترتيب اجتهادًا لذكرت المسبحات وَلاءً، وأخرت "طس" عن القصص". (٢)
القول الثالث: قول أبي بكر الأنباري (ت: ٣٢٨ هـ) حيث يقول -رحمه الله-:
"اتساق السور كاتساق الآيات والحروف كله عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فمن قدم سورة أو أخرها فقد أفسد نظم القرآن". (٣)
القول الرابع: قول الكرماني: (ت: ٨٩٣ هـ) -رحمه الله-:
"ترتيب السور هكذا هو عند الله في اللوح المحفوظ على هذا الترتيب". (٤)
القول الخامس: قول شرف الدين الطيبي (ت: ٧٤٣ هـ) كذلك -رحمه الله-:
"أنزل القرآن أولا جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا ثم نزل مفرقًا على حسب المصالح، ثم أثبت في المصاحف على التأليف والنظم المثبت في اللوح المحفوظ. ". (٥)
القول السادس: قول محب الدين النُّوَيْري (ت: ٨٥٧ هـ) حيث يقول -رحمه الله-:
وإنما أمرهم-عثمان- بالنسخ من الصحف؛ ليستند مصحفه إلى أصل أبى بكر المستند إلى أصل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وعيّن زيدًا لاعتماد أبى بكر وعمر عليه، وضم إليه جماعة مساعدة
(١) البرهان في علوم القرآن (١/ ٣٧). وانظر: الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني: ١/ ٥٦. والكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم: ١٠/ ٧٦.
(٢) الإتقان: السيوطي ج ١ ص ٦٣.
(٣) الإتقان: السيوطي ج ١ ص ٦٢.
(٤) -البرهان: الزركشي ج ١ ص ٢٥٩، والإتقان للسيوطي ط ١ ص ٦٢.
(٥) الإتقان: السيوطي ج ١ ص ٦٢