المسألة الأولى: أبرز نتائج جمع أبي بكر -رضي الله عنه-
أولًا: لقد تم هذا الجمع بإجماع من الصحابة الكرام-رضي الله عنهم أجمعين-.
ثانيًا: حصل بجمعه نوع اطمئنان من الخوف من ضياعه أو تفلت من توثيقه بكماله وتمامه أي شيء.
ثالثًا: تم هذا الجمع على أوثق طرق الجمع والحيطة لكتاب الله تعالى، فقد جمع بطريقي الحفظ- صدرًا وسطرًا- ثم دون كل ما جُمِعَ في مكان واحد بناء على ذلك، ولم يقبل تدوين أي شيء فيه إلاّ ما أجمع الصحابة-رضي الله عنهم-على أنه قرآن وتواترت روايته كذلك.
رابعًا: أصبح هذا الجمع هو النسخة الوحيدة الموثوقة والمقيدة والتي أجمع الصحابة كلهم- رضي الله عنهم أجمعين- على صحتها وسلامة كل ما فيها من الزيادة والنقصان.
خامسًا: بإجماع الصحابة- رضي الله عنهم- واتفاقهم على هذا الجمع زالت كل شبهة ولاسيما شبه التبديع والإحداث في الدين.
وختامًا: فإنه قد تبين معنا في ثنايا البحث:
"أن جمع أبي بكر الصديق للقرآن كان بسبب خشيته أن يذهب من القرآن شيء بذهاب حملته؛ لأنه لم يكن مجموعًا في موضع واحد، فجمعه في صحائف مرتبًا لآيات سوره على ما وقفهم عليه النبي - صلى الله عليه وسلم-". (١)
وبهذا يتبين الفرق بين الجمع في عهديه: الأول، والثاني.
المسألة الثانية: أوّل من سمى القرآن بالمصحف
قال الزركشي -رحمه الله- في البرهان: " ذكر المظفري (ت: ٦٤٢ هـ) في تاريخه:
لَمَّا جَمعَ أبو بكر القرآنَ قال: سَمُّوهُ. فقال بعضُهم: سَمُّوهُ إِنْجيلًا. فَكرهوه. وقال بعضُهم: سَمُّوهُ السِّفْرَ. فكرهوه مِن يهود. فقال ابنُ مَسعودٍ: رأيتُ للحَبَشَةِ كِتَابًا يدعونهُ المُصْحَفَ، فسمُّوهُ بهِ ". (٢)
والحقيقة أن رواية مثل هذه لا يُعتمد عليها لأن ليس لها أي سند يُعتمد عليه، وقد رويت مرسلة بغير عزو ولا إسناد، وهي مغايرة لما ثبت من حديث أنس- رضي الله عنه- عند البخاري وقد ذكر فيه الصحف في قوله:
فأرسل عثمان إلى حفصة: أنْ أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف …
إلى أن قال:
(١) -المصاحف لابن أبي داود ص ١١: ص ١٦.
(٢) - البرهان: (١/ ٣٧٧).