وحَيثُما يَخْتَلَّ رُكْنٌ أَثْبِتِ … شُذُوذَهُ لَوْ أنَّهُ فِي السَّبعَةِ. (١)
أركان القراءة الصحيحة فيقول في " النشر"- أيضًا: ثم هو يفصل ويجلي عن
"كل قراءة وافقت العربية ولو بوجه، ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالًا وصح سندها، فهي القراءة الصحيحة التي لا يجوز ردها ولا يحل إنكارها، بل هي من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن ووجب على الناس قبولها، سواء كانت عن الأئمة السبعة، أم عن العشرة، أم عن غيرهم من الأئمة المقبولين، ومتى اختل ركن من هذه الأركان الثلاثة أطلق عليها ضعيفة أو
شاذة أو باطلة، سواء كانت عن السبعة أم عمن هو أكبر منهم، هذا هو الصحيح عند أئمة التحقيق من السلف والخلف، صرح بذلك الإمام الحافظ أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني، ونص عليه في غير موضع الإمام أبو محمد مكي بن أبي طالب القيسي، وكذلك الإمام أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي، وحققه الإمام الحافظ أبو القاسم عبد الرحمن بن إسماعيل المعروف بأبي شامة، وهو مذهب السلف الذي لا يعرف عن أحد منهم خلافه". (٢)
ويستحيل وجود قراءة متواترة تتناقض مع قراءة أخرى أبدًا، بل تتكامل في معناها.
وفي ذلك يقول ابن الجزريِّ (ت: ٨٣٣ هـ) - رحمه الله - في طيِّبةِ النشر أيضًا:
" مع كثرة اختلاف القراءات وتنوعها، لم يتطرق إليه أي القرآن الكريم تضاد ولا تناقض ولا تخالف، بل كله يصدق بعضه بعضًا، ويُبيِّن بعضه بعضًا، ويشهد بعضه لبعض. على نمط واحد، وأسلوب واحد. وما ذاك إلا آية بالغة، وبرهان قاطع، على صدق ما جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم -". (٣)
ومما يدلل على ذلك ويؤكده ويؤيده أن القراءات المتواترة معلومة ومبيَّنة في كل ما كتبه المتقدمون والمتأخرون، ومع كثرة بحوث ودراسات الطاعنين في القرآن على اختلاف مذاهبهم
ومشاربهم على مر العصور والدهور، إلا أنهم لم يتمكنوا من إظهار قراءة واحدة متواترة، تتناقض مع قراءة أخرى مثلها أبدًا.
ومع ذلك فإن كل قراءة لها سند متصل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، بأسانيد متواترة ثابتة ومعلومة، لجمع من الرواة معروفين ومشتهرين ومجتمعين، يستحيل تواطؤهم جميعًا على الكذب.
(١) - يُنظر: مَتْنُ «طَيِّبَةِ النَّشْرِ» فِي الْقِرَاءَاتِ الْعَشْر تأليف: شمس الدين أبو الخير ابن الجزري، محمد بن محمد بن يوسف (المتوفى: ٨٣٣ هـ) المحقق: محمد تميم الزُّعْبي، الناشر: دار الهدى، جدة الطبعة: الأولى، ١٤١٤ هـ - ١٩٩٤ م.
(٢) - النشر في القراءات العشر: (١/ ١٠).
(٣) طيبة النشر: (١/ ٢٨).