خامسًا: اتهامهم الصحابة بالتساهل في تدوين المصاحف العثمانية، حيث قالوا:
قد حدثت تساهلات واضحة في تدوينه، ومن هذا المنطلق حدثت أخطاء إملائية كثيرة في المصاحف العثمانية، وبما أن المصاحف لم يقارن بعضها ببعض اختلفت بعضها عن بعض، وأن أهل الشام كانوا يعتقدون بأن مصحفهم ومصحف البصرة أصح من مصحف الكوفة؛ لأن
مصحف الكوفة أُرسل إليهم بعد المقارنة والتصحيح، وأن عثمان بعد أن شاهد المصحف العثماني قال: لو كان المُملي من طائفة هذيل والكاتب من طائفة ثقيف لما حدثت كلّ هذه الأخطاء. (١)
سادسًا: اتهامهم الصريح للصحابة بتحريف القرآن
" … أن القرآن تعرض لتحريف شديد من قبل الصحابة أثناء عملية الجمع، وأن عثمان رضي الله عنه قد أسقط منه خمسمائة حرف". (٢)
سابعًا: طعنهم في أخلاق ابن مسعود رضي الله عنه واتهامه زورًا وبهتانًا بالطعن في أعضاء لجنة "الجمع العثماني" حيث قالوا:
لم يختلف الصحابة مع عثمان مبدئيًا في توحيد المصاحف، (٣) كما لم يختلفوا معه في منهج التدوين إلا عبد الله بن مسعود، حيث حدثت بينه وبين عثمان مشاجرة لفظية شديدة، وكان ابن
مسعود يعتقد بأن أعضاء لجنة تدوين المصحف العثماني فاقدو الخبرة والتجربة، فرفض أن يقدّم إليه مصحفه.
رد هذه الفرية:
وهذه فرية واضحة جلية وقد سبق الكلام عنها في طيات البحث عند عرض الشبهة السابعة وردها، فابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه لم يتشاجر ولم يتلفظ، لما لا ومن هو في سبقه للإسلام ومكانته وعلمه وفضله وعلو قدره، ثم إنه كان في الكوفة، وعثمان حين شرع في جمع المصحف كان بالمدينة، ومن أشد من البهتان والزور- كذلك- ادعائهم أن اعتراض ابن مسعود كان بسب أنه: " يعتقد أن أعضاء لجنة تدوين المصحف العثماني فاقدو الخبرة والتجربة" كيف هذا وهو لم
(١) - التمهيد (١/ ٣٤٨ - ٣٤٩).
(٢) - يُنظر: ((الجامع لأحكام القرآن)) للقرطبي (١/ ٨١)، و ((مقدمتان في علوم القرآن)) ((مقدمة كتاب المباني)) لمجهول و ((مقدمة ابن عطية)) (ص: ٧٨) وما بعدها تصحيح: د/ آثر جفري - مكتبة الخانجي - الطبعة الثانية ١٣٩٢ هـ - ١٩٧٢ م القاهرة. انظر: ((شرح المولى محمد صالح المازندراني على الكافي)) للكليني (١١/ ٧٦) مع تعليق الحاج الميرزا أبو الحسن الشعراني، من منشورات المكتبة الإسلامية ١٣٨٨ هـ طهران (بدون رقم الطبعة).
(٣) - التمهيد، لـ"محمد هادي معرفة" (١/ ٣٩٩).