ولابد هنا من وقفات هامة، نذكرها إجمالًا على النحو التالي:
الوقفة الأولى: بيان حكم من أنكر حديثًا صحيحًا ثابتًا متواترًا
الوقفة الثانية: ثبوت حديث الأحرف السبعة ونقله بالتواتر
الوقفة الثالثة: بيان ذيوع حديث الأحرف السبعة واستفاضة شهرته عند الصحابة
الوقفة الرابعة: بيان أن الأحرف السبعة وحيٌ وقرآنٌ منزل من عند الله تعالى
الوقفة الخامسة والأخيرة: أبرز أقوال الرافضة وعقائدهم في الأحرف السبعة
ثم نذكرها تفصيلًا على النحو التالي:
الوقفة الأولى: بيان حكم من أنكر حديثًا صحيحًا ثابتًا متواترًا
لابد هنا من بيان مكانة السنة من الشرع وذكر دلالة حجيَّتها من الكتاب والسنة، ودلالة العقل السليم السوي، وبيان عَلاقتها بالقرآن الكريم، ثم لابد من نقل إجماع أهل العلم على حجيَّة السنَّة كذلك، ثم بيان حكم من كذب بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الشروع في الكلام عن موقف الرافضة من الأحرف السبعة، وذلك كله لبلوغ الحجة ووضوح المحجة.
أولًا: بيان حجيَّة السنَّة النبوية وأنها المصدر الثاني من مصادر التشريع، وأنها وحيٌ كالقرآن
إذا كان القرآن الكريم هو المصدر الأوَّل والرَّئيس للتَّشريع، فإن السنة تُعد المصدر الثاني من مصادر التشريع، وقد بين الله سبحانه مكانة السنة في محكم آيات التنزيل؛ لتكون نبراسًا يستضيء به أهل الإيمان، ولتكون حجة على أهل الكفر والجحود والنكران.
أ- دلالة حجيَّة السنَّة النبوية من القرآن الكريم
لقد علم أهل الإيمان أن مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم هي البلاغ عن الله تعالى، فكل ما يبلغه فهو وحي من الله تعالى كما قال سبحانه: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (النجم: ٣ - ٤) وهذه الآية عامَّة لكل ما يَنطق به الرسول صلى الله عليه وسلم، ولذا فقد استدل بها أهل العلم على حجيَّة السنَّة؛ وأنها وحي كالقرآن.
وبما أن هذه الآية عامة، فهي تشمل كل ما ينطق به النبي - صلى الله عليه وسلم - من وحيي التنزيل "كتابًا وسنة"، فالأصل في العموم أن يبقى على عمومه، ولا يُخصَّصَ إلا بدليل مخصص له.