وفي هذه الآية دلالة على حجيَّة السنَّة - كذلك، ووجه الدلالة من الآية الكريمة:
أن سائر ما قُرِنَ فيه طاعة الرسول بطاعة الله فهو دال على أنَّ طاعةَ الله ما أمر به ونهى عنه في كتابه، وطاعةَ الرسول ما أمر به ونهى عنه ممَّا جاء به ممَّا ليس في القرآن، إذْ لو كان في القرآن لكان من طاعةِ الله، والرد إلى الله هو الرد إلى الكتاب، والرد إلى الرسول هو الرد إلى سُنَّته بعد موته. (١)
ووجه آخر للدلالة من الآية الكريمة على حجية السنة:
أن الله تعالى أمر بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأعاد الفِعْلَ إعلامًا بأنَّ طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم تجب استقلالاً من غير عَرْضِ ما أمر به على القرآن، فتجب طاعته مطلقًا، سواء كان ما أمر به في القرآن أم لم يكن فيه. (٢)
ب- دلالة حجيَّة السنَّة النبوية من السنة المطهرة نفسها
لقد ورد في السنة المطهر الكثير من الأحاديث الدالة على حُجِّية السنة النبوية:
ومن ذلك ما ورد من ترهيب النبي صلى الله عليه وسلم وإعلان براءته لمن ترك سنته ورغب عنها، فقد ثبت عند مسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ رغب عن سُنَّتي، فليس منِّي". (٣)
ولما كانت الأحاديث في هذا الباب أكثر من أن يحصيها مقال، فاكتفى الباحث بهذا الحديث لكونه من أجمع الأحاديث الدالة على حُجِّية السنة.
ثمَّ المحفوظ من أقضية الصحابة وتعامُلاتهم شاهدٌ على اعتمادهم سنةَ النبيِّ وهدْيَه، وبعدهم التابعون ومَنْ بعدهم، ومَن يطالع الكتب المسندة التي جمعت أخبارهم، يجد ذلك صريحًا؛ كالجوامع والمصنَّفات، وغيرها من الكتب.
ومن العقل:
لا يمكن الاستقلال بمعرفة الدين الإسلاميِّ عن طريق القرآن الكريم فقط، فمن أراد الإسلام وشرائعه: من أين يأخذ أعداد الصلوات وكيفيتها، أو الحج والصيام والزكاة، وغيرها من شرائع الإسلام؟!
فعَلاقة السُّنة النبوية بالقرآن الكريم تأتي في عدة صور، على النحو التالي:
١ - تأتي السنة النبوية مؤكِّدةً لبعض الأحكام: كالأمر بالصلاة والزكاة.
(١) - الموافقات في أصول الفقه، (٤/ ١٤) بتصرف يسير.
(٢) إعلام الموقعين عن رب العالمين، (١/ ٤٨).
(٣) - رواه مسلم، كتاب النكاح، حديث: (٣٤٦٩).