"كَانَ يصحب ملحدة الفلاسفة (١) وقال عنه أيضًا: وَمن فضائحه - النَّظام - قَوْله فِي الْقُرْآن أَنه لَا معْجزَة فِي نظمه وَكَانَ يُنكر سَائِر المعجزات مثل انشقاق الْقَمَر وَأَن كَانَ قد نطق بِهِ الْقُرْآن (٢) فِي
قَوْله (اقْتَرَبت السَّاعَة وَانْشَقَّ الْقَمَر) (القمر: ١) وَكَذَلِكَ كَانَ يُنكر تَسْبِيح الْحَصَى فِي يَده ونبوع المَاء من بَين أَصَابِعه- صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ فِي الْبَاطِن يمِيل إِلَى مَذْهَب البراهمة الَّذين يُنكرُونَ جَمِيع الْأَنْبِيَاء فَتكلم بِهَذَيْنِ المذهبين اللَّذين يبطل أَحدهمَا حدث الْعَالم وَالْآخر يبطل ثُبُوت النُّبُوَّة وَكَانَ لَا يقدر على إِظْهَار مَا كَانَ يضمره من الْإِلْحَاد (٣).
٣ - قول عضد الدين الإيجي (٤) حيث يقول-رحمه الله- عن النَّظام:
" … النَّظام وهو من شياطين القدرية طالع كتب الفلاسفة وخلط كلامهم بكلام المعتزلة (٥) وتابع عنه وعن أتباعه بتأثرهم في الفلاسفة وأنه مال في بعض المسائل إلى قول الطبيعيين، إلى أن قال:
وقالوا نظم القرآن ليس بمعجز إنما المعجز إخباره بالغيب من الأمور السالفة والآتية، وصرف الله العرب عن الاهتمام بمعارضته حتى لو خلاهم لأمكنهم الإتيان بمثله بل بأفصح منه (٦).
وخلاصة القول: أن الصَّرْفة مصدرها البراهمة وقد أخذها النَّظام عنهم، ثم نسبت إليه.
"وبعد هذه النقول يتبين لنا أصل موضوع الصَّرْفة، ومن ثم يتبين لنا كذلك أول من قال بها ممن ينتسب للمسلمين وروجها، فمصدرها البراهمة وأخذها النَّظام، والقدماء نسبوها له بشكل مستفيض، وعلى زعم أن النَّظام لم يقل بهذا لم يرد ولو نص واحد ينسب للنَّظام لا له ولا لتلامذته ولا لمخالفيه يقول بعكس ما نسب إليه من القول بالصَّرْفة، فلو وجد لسطر كما سطرت أقواله الأخرى، وكما ينقل عن الكثير من الأئمة أقوالهم، ولو كانت متعددة حتى ولو في المسألة الواحدة، فهناك الكثير من أراء ومسائل لعلماء نقلت إلينا آرائهم في المسألة الواحدة ربما أكثر من
(١) - الإسفراييني، طاهر بن محمد أبو المظفر، ت ٤٧١ هـ، التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين، المحقق: كمال يوسف الحوت، عالم الكتب - لبنان، الطبعة: الأولى، ١٤٠٣ هـ - ١٩٨٣ م، (ص ٧١).
(٢) - عبارة "نطق بِهِ الْقُرْآن" وما في نحوها لا تليق بالقرآن أبدًا، لأن الذي ينطق ويتكلم هو المخلوق، والقرآن الذي هو كلام الله "منزل غير مخلوق". الباحث.
(٣) - التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين، ص ٧٤
(٤) عَضُد الدين الإِيجي: ( … ٧٦٥ هـ- … -١٣٥٥ م)
عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الغفار، أبو الفضل، عَضُد الدين الإيجي: عالم بالأصول والمعاني والعربية. من أهل إيج (بفارس) ولي القضاء، وأنجب تلاميذ عظامًا. وجرت له محنة مع صاحب كرمان، فحبسه بالقلعة، فمات مسجونًا.
يُنظر: بغية الوعاة ٢٩٦، ومفتاح السعادة ١: ١٦٩، والدرر الكامنة ٢: ٣٢٢ وطبقات السبكي ٦:، والكتب خانة ٤: ١٤٥ ثم ٧: ١٦٠، ومعجم المطبوعات ١٣٣١
(٥) - الإيجي، عضد الدين عبد الرحمن بن أحمد، المواقف، دار الجيل - بيروت، الطبعة الأولى، ١٩٩٧، تحقيق: د. عبد الرحمن عميرة، (ج ٣، ص ٦٦١).
(٦) - السابق، ص ٦٦٣