القرآن في علوه وسموه، وروعة نظمه وبيانه، لا يمكن مجاراته ومعارضته، فانصرفوا ذاتيًا بلا قهر أو جبر من قوة خارجية عن المعارضة، اقتناعًا منهم ويقينًا بالعجز، فالأمر في الحقيقة: انصراف .. وليس صَّرْفة .. (١).
وبذلك يكون القاضي عبد الجبار أقل القوم وأضعفهم تعسُّفًا في قضية القول بالصَّرْفة.
سابعًا: القائلون بالصرفة من غير المعتزلة، من الأشاعرة وغيرهم
١ - الأشاعرة
أما الأشاعرة: فَجُلّهم إنّما يقبل بنظرية الصَّرْفة إماّ كوجه ثانوي من أوجه الإعجاز فهو عندهم تابع للوجه الأوّل، والأهمّ وهو إعجاز القرآن بنظمه وذاته، وإمّا يقولون بها من باب المجادلة والمنافحة عن الحق لا غير.
٢ - ما ينسب إلى أبي الحسن الأشعري (ت: ٣٢٤ هـ)
يقول الشهرستاني: محمد بن عبد الكريم (ت: ٥٤٨ هـ) أثناء حديثه عن أبي الحسن الأشعري: -
"والقرآن عنده معجز من حيث البلاغة، والنظم، والفصاحة، إذ خير العرب بين السيف وبين المعارضة، فاختاروا أشد القسمين اختيار عجز عن المقابلة، ومن أصحابه من اعتقد أن الإعجاز في القرآن من جهة صرف الدواعي، وهو المنع من المعتاد". (٢)
٣ - ما يُنسب للقاضي عياض بن موسى اليحصبي (ت: ٥٤٤ هـ)
قال محمد بن أحمد السفاريني: (ت: ١١٨٩ هـ) -رحمه الله-:
"وفي شفاء أبي الفضل القاضي عياض (ت: ٥٤٤ هـ) بعض ميل للقول بالصَّرْفة، فإنه قال: وذهب الشيخ أبو الحسن (الأشعري -) إلى أنه مما يمكن أن يدخل مثله تحت مقدور البشر، ويقدرهم
الله عليه، ولكنه لم يكن هذا، ولا يكون، فمنعهم الله هذا، وعجزهم عنه ". (٣). ولاشك في وضوح قول القاضي عياض بالصَّرْفة، فالمنع والتعجيز بمعنى أنه سبحانه صرفهم عنه بمنعهم وتعجيزهم عن الإتيان بمثله.
٤ - الفخر الرازي (ت: ٦٠٦ هـ):
(١) - إعجاز القرآن الكريم (مرجع سابق) بقلم: سامي عطا الجيتاوي-عن موقع دنيا الوطن، بتاريخ: ١٥/ ٦/ ٢٠٠٦ م. بتصرف يسير.
(٢) - الشهرستاني: الملل والنحل، بهامش الفصل: (: ١٣٥ ـ ١٣٦) وجُل هذه الأقوال نقلًا من بحث الصَّرْفة للدكتور/ سامي عطا حسن. بتصرف
(٣) - محمد بن أحمد السفاريني: لوامع الأنوار البهية: (١/ ١٧٥).