ما بال قومك يلبسون مسوك الضأن، ويتشبهون بالرهبان؟ كلامهم أحلى من العسل، وقلوبهم أمرُّ من الصبر، أبي يغترون؟ ! أم إياي يخادعون؟ ! وعزتي لأتركن العالم منهم حيران، ليس مني من تكهن أو تكهن له، أو سحر أو سحر له؛ من آمن بي فليتوكل علي، ومن لم يؤمن بي فليتبع غيري.
قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا ابن آتش، حدثنا منذر، عن وهب قال: يقول الرب تبارك وتعالى: إذا توكل عليَّ عبدي، لو كادته السماوات والأرض جعلت له من بين ذلك المخرج.
قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا إسماعيل، حدثنا ابن عون، عن محمد: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- دخل على بلال رحمه اللَّه فرأى عنده صبرا من تمر، فقال له: "ما هذا؟ " قال: هذا تمر ادخرته. قال: "أفما تخاف أن يكون له بخار في نار جهنم؟ أنفق بلال، ولا تخش من ذي العرش إقلالا".
قال عبد اللَّه، حدثني أبي، حدثنا محمد بن الحسن بن آتش، حدثنا منذر، عن وهب: إن سائحًا وردءًا له -يعني: تابعا يتبعه- مرا بأسد وهو رابض على الطريق يلتمس الفريس، فجعل الردء يحدث السائح يقول: الأسد الأسد، وجعل السائح لا يلتفت إليه، حتى مرا بالأسد، فقام الأسد فتنحى عن الطريق، فلما جاوزا قال الردء لكبيره: ألم أكن أحذرك الأسد؟ قال السائح: أوظننت أني أخاف شيئا دون اللَّه عز وجل؟ لئن تختلف الأسنة فيَّ أحب إليَّ من أن يعلم اللَّه عز وجل أني أخاف شيئا دونه.