مما جاء اسم الفاعل منه١ على "فعيل" ألا ترى أنك تقول: رجل فقير وإنما جئت به على "فقر" كما تقول: كرم, فهو كريم, وظرف فهو ظريف, ولكن تقول إذا أردت التعجب في هذه الأفعال الزائدة على ثلاثة أحرف كلها, ما أشد دحرجته وما أشد استخراجه وما أقبح افتقاره ونحو ذلك.
واعلم: أن كل ما قلت فيه: ما أفعله, قلت فيه: أفعل به, وهذا أفعل من هذا, وما لم تقل فيه: ما أفعله, لم تقل فيه: هذا أفعل من هذا, ولا: أفعل به, تقول: زيد أفضل من عمرو وأفضل بزيد, كما تقول: ما أفضله. وتقول: ما أشد حمرته وما أحسن بياضه وتقول على هذا: أشدد ببياض زيد, وزيد أشد بياضًا من فلان, هذا٢ كله مجراه واحد, لأن معناه المبالغة والتفضيل, وقد أنشد بعض الناس:
يَا لَيْتَني مِثْلُك في البَيَاضِ ... أبيضَ مِن أخت بني إبَاضِ٣
١ في "ب" فيه بدلا منه.
٢ في "ب" و"هذا" بزيادة الواو.
٣ يستشهد بهذا البيت: على أن الكوفيين أجازوا بناء "أفعل التفضيل" من لفظي السواد والبياض، وهو شاذ عند البصريين.
وينسب هذا الرجز لرؤبة لأن له أرجوزة على هذا النحو، والغالب أن هذا منها، وهناك روايات، رواه ابن يعيش في شرح المفصل:
جارية في درعها الفضفاض ... أبيض من أخت بني إباض
ورواه ابن هشام في المغني:
جارية في رمضان الماضي ... تقطع الحديث بالإيماض
ومنه هذا البيت:
يا ليتني مثلك في البياض ... أبيض من أخت بني إباض
ويروى كذلك:
لقد أتى في رمضان الماضي ... جارية في درعها الفضفاض
تقطع الحديث بالإيماض ... أبيض من أخت بني إباض
وانظر التمام في تفسير أشعار هذيل/ ٩٥، والمغني/ ٨٧، وأمالي السيد المرتضى ١/٦٣، وابن يعيش ٦/ ٩٣، والخزانة ٣/ ٤٨١.