الضربُ الثاني الذي لا علامةَ فيهِ للتأنيثِ:

وهوَ ينقسمُ قِسمين: أَحدهما ما أصلهُ أَن يكونَ مبنيًا للصفةِ فوقعَ للمصدرِ والقسمُ الآخرُ ما هُوَ من أَبنيةِ المصادرِ فوصفَ بهِ أَو جعلَ هُوَ الموصوف بعينِه: الأولُ: ما لفظه لفظ الصفةِ فوقعَ للمصدرِ وذلكَ ما جاءَ على "فَعُولٍ" نحو: تَوضأتُ وضُوءًا وتَطهرتُ طَهُورًا وأَولعتُ بهِ وَلُوعًا ومنهم مَنْ يقولُ وقدتُ النارَ وَقُودًا عاليًا وقَبلتُه قَبُولًا والوُقُودُ أَكثرُ والوَقَودُ الحَطبُ وعلَى فلانٍ قَبُولٌ وهذا البناءُ١ أَكثرُ ما يجيءُ في الصفاتِ نحو: ضَرُوبٍ وقَتُولٍ وهَبُوبٍ وتَؤُوم وطروَبٍ. الثاني: ما لفظهُ لَفظُ المصدرِ فجاءَ على معنى: مَفْعُولٍ وفَاعلٍ وذلك قولُكَ: لَبَنٌ حَلَبٌ إنّما تريدُ: مَحلوبٌ وكقولِهم: الخَلْقُ إنَّما يريدُ بهِ: المَخلوقَ والدرهمُ ضَرْبُ الأَمير: أَي: مَضروبٌ. ويقعُ علَى الفَاعلِ نحو: رَجلٍ غمْرٍ٢، وَرَجل نَومٍ إنَّما تريدُ: الغَامرَ والنائمَ ومَاءٌ صَرَى أي صرٍ٣ ومَعْشٌر كَرمٌ أي كُرماءُ وقالوا صَرِيِ يَصْرَى صَرْىً وَهُوَ صَرٍّ إذا تغيرَ اللبنُ في الضرعِ وَهْوَ رضىً أَي: مَرْضِيٌّ وأَمّا ما جُعلَ هوَ الموصوفُ بعينهِ: إلا أَنهم جاؤوا بهِ مخالفًا لبناءِ المصدرِ وغيرَ مخالفٍ. فقولُهم: أصابَ شِبعَه وهَذا شِبْعُه إنَّما يريدنَ مُشْبِعَهُ٤، ومِنْ ذلكَ: هُوَ مِلءُ هذَا أَي: ما يملأُ هَذَا وقولُهم: لَيْسَ لَهُ طَعمٌ إنَّما معناهُ: ليسَ لَهُ طِيبٌ أَي: ليسَ بمؤثرٍ في ذوقي ومَا أَلتذُّ بهِ فهذَا مما خولفَ بهِ. وقد يجيءُ غيرَ مخالفٍ نحو: رويتُ ريًّا وأَصَابَ رِيَّهُ وَطعمتُ طُعْمًا وأَصابَ طُعْمَه ونَهِلَ يَنْهِلُ نَهَلًا وأَصَابَ نَهَلَهْ وقالوا: قُتَّهُ قَوْتًَا والقوتُ: الرزقُ فَلَم يدعوهُ علَى بناءٍ واحدٍ وقالوا: مَرَيْتُها مَرْيًا إذَا أَرادَ العَمَلَ وحلبتُها مِرْية لا يريدُ

١ أي: المفتوح الفاء.
٢ في "ب" غم وغام.
٣ صر: خفيف إذا تغير اللبن في الضرع. وهو صرى، فتقول: هذا اللبن صرى وصر، وانظر: الكتاب ٢/ ٢٢٩
٤ في الكتاب ٢/ ٢٢٨ "قولهم: أصاب شبعه، وهذا شبعه، إنما يريد: قدر ما يشبعه.