"لهدي" وهو نكرة, {هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} ١, {إِنَّا مُرْسِلُو الْنَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ} ٢, وأنشدوا:
هلّ أنتَ باعِثُ دِينَارٍ لِحاجَتِنَا ... أو عبدَ رَبٍ أخا عونِ بنِ مِخراقِ٣ /١١٩
أراد: بباعثٍ التنوين. ونصب الثاني لأنه أعمل فيه الأول مقدرًا تنوينه, كأنه قال: أو باعثٌ عبدَ ربٍ, ولو جره على ما قبله كان عربيا جيدًا٤, إلا أن الثاني كلما تباعد من الأول قوي فيه النصب واختير. تقول: هذا معطي زيد الدراهم وعمرًا٥, الدنانير, ولو قلت: هذا معطي زيد اليوم الدراهم, وغدا عمرًا الدنانير, لم يصلح فيه إلا النصب٦ لأنك لم تعطف الاسم على ما قبله, وإنما أوقعت الواو على "غد" ففصل الظرف بين الواو وعمرو. فلم يقو الجر فإذا أعملته عمل الفعل جاز, لأن الناصب
١ الأحقاف: ٢٤.
٢ القمر: ٢٧.
٣ من شواهد الكتاب ١/ ٨٧. قال الأعلم: الشاهد فيه نصب "عبد رب" حملا على موضع "دينار".
ورده البغدادي في الخزانة بأن الكلام السابق في سيبويه يفيد تقدير فعل ناصب كأنه قال: أوقظ دينارا، أو عبد رب، وهما رجلان أخا عون: صفة أو بدل أو عطف بيان. والمصنف يرى أنه منصوب بالعطف على محل "دينار" لأن "باعث" اسم فاعل بمعنى الاستقبال.
والبيت من أبيات سيبويه الخمسين التي لم يعرف لها قائل.
وقيل: هو لجابر السنبسي، أو لجرير، أو لتأبط شرا، وقيل مصنوع، وهو ليس في ديوان جرير.
وانظر المقتضب ٤/ ١٥١، وشواهد الكشاف/ ٢٠٦، والخزانة ٣/ ٤٧٦. والعيني ٣/ ٥٦٣.
٤ أي: مثل النصب، وذلك لأن من شأنهم أن يحملوا المعطوف على ما عطف عليه، نحو هذا ضارب زيد وعمرو غدا، وينصبون عمرا.
٥ والجر جائز أيضا، وهو جيد.
٦ أي: لم يصلح في "عمرو" إلا النصب.