فيقول: "إليَّ" في هذا الحرف وحده, كأنه قال له: تنح فقال: أتنحى١, ولا يجوز مثل هذا في أخوات إليَّ٢ لأن/ ١٣٩ هذا الباب إنما وضع في الأمر مع المخاطب, وما أُضيف فيه فإنما يُضاف إلى كاف علامة المخاطب المتكلم, ولا يجوز أن تقول: رويده زيدًا ودونه عمرًا, تريد غير المخاطب٣. وحكي أن بعضهم قال: عليه رجلًا ليسي, أي: غيري. وهذا قليل شاذ٤. وجميع هذه الأسماء لا تصرف تصرف الفعل.
وحكي أن ناسًا من العرب يقولون: هلمي, وهلما, وهلموا٥, فهؤلاء جعلوه فعلًا والهاء للتنبيه, ولا يجوز أن تقدم مفعولات هذه الأسماء من أجل أن ما لا يتصرف لا يتصرف عمله فأما قول الله تعالى: {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} ٦ فليس هو على قوله: عليكم كتاب الله, ولكنه مصدر محمول على ما قبله؛ لأنه لما قال: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} ٧ فأعلمهم: أن هذا مكتوب مفروض فكان بدلًا من قوله: كتاب الله ذلك, فنصب "كتاب٨ الله"وجعل عليكم تبيينا.
١ انظر الكتاب ١/ ١٢٦.
٢ مثل دوني وعلى: لأنهما ليس لهما قوة الفعل فيقاس.
٣ لأنه ليس بفعل ولا يتصرف تصرفه.
٤ في الكتاب ١/ ١٢٦ قال سيبويه: وحدثني من سمعه أن بعضهم قال: عليه رجلا ليسي وهذا قليل شبهوه بالفعل.
٥ قال سيبويه: واعلم: أن ناسا من العرب يجعلون هلم بمنزلة الأمثلة التي أخذت من الفعل. يقولون: هلمي وهلما، وهلموا. الكتاب جـ١/ ١٢٧. هذا على لغة بني تميم لأنهم يجعلونها فعلا صحيحا، ويجعلون الياء زائدة. وفي البحر المحيط ٣/ ٢١٤: كتاب الله: انتصب بإضمار الفعل، وهو فعل مؤكد لمضمون الجملة السابقة من قوله: حرمت عليكم وكأنه قيل: "كتب الله عليكم تحريم ذلك كتابا".
٦ النساء: ٢٤.
٧ النساء: ٢٣.
٨ نصب "كتاب الله" للمصدر.