فأما قول الشاعر:
يَوم كَثيرٌ تُناديهِ وحيَّ هلُهْ١
فإنه جعله اسمًا فصار كحضرموت ولم يأمر أحدًا بشيء. وقد توصل بـ"علي" كما وصلت بـ"هل" هذه, فمن ذلك: حيَّ على الصلاة.
إنما معناه: أقربوا من الصلاة, وإيتوا الصلاة.
وفي "حيهل" ثلاث لغات: فأجودهن أن تقول: حيَّهلْ بعمر, فإذا وقفت قلت: حيهلا, الألف ههنا لبيان الحركة كالهاء في قوله: كتابيه, وحسابيه؛ لأن الألف من مخرج الهاء ومثل ذلك قولك: أنا قلت ذاك, فإذا وقفت قلت: أناه. ويجوز: حيهلًا بالتنوين تجعل نكرة, ويجوز: حيهلا بعمر, وهي أردأ اللغات.
قال أبو العباس: وأما "حي هلا" فليست بشيء٢.
عجز بيت من شواهد سيبويه ٢/٥٢ على إعراب "حيهله" بالرفع؛ لأنه جعله وإن كان مركبا من شيئين: اسما للصوت بمنزلة معد يكرب في وقوعه اسما للشخص، وكأنه قال: كثير تناديه وحثه ومبادرته، لأن معنى قولهم: حي هل، عجل وبادر. وتكملته:
وهيج الحي من دار فظل لهم ... يوم كثير ...
وهيج: بمعنى فرق، ودار: واد قريب من هجر. وظل استمر. قيل فاعل هيج ضمير غراب البين، والتنادي: مصدر تنادي، أي: نادى القوم بعضهم بعضا. وصف الشاعر: جيشا سمع به وخيف منه فانتقل عن المحل من أجله وبودر بالانتقال قبل لحاقه. ولم ينسب لأحد معين غير أن شارح أبيات المفصل للزمخشري قال: هو للنابغة الجعدي يهجو به ليلى الأخيلية وكانت بينهما مهاجاة.
وانظر: المقتضب ٣/ ٢٠٦ وشرح السيرافي ٤/ ١٢٩، والمفصل للزمخشري/ ١٥٤. وابن يعيش ٤/ ٤٦.
٢ انظر المقتضب ٣/ ٢٠٥: لم يوجد النص الذي ذكره المؤلف، بل قال المبرد: ومن هذه الحروف "حيهل" فإنما هي اسمان جعلا اسما واحدا، وفيه أقاويل: فأجودها: حيهل بعمر، فإذا وقفت قلت: حيهلا، فجعلت الألف لبيان الحركة، جائز أن تجعله نكرة فتقول: حيهلا يا فتى، وجائز أن تثبت الألف وتجعله معرفة، فلا تنون، والألف زيادة ومعناه: قربه، وتقديره في العربية: بادر بذكره.