ضربت زيدًا لا يصلح أن تغيره بأن تقول: فعلت زيدًا لأنه ليس بمفعول لك/١٦٢ فإنما هو مفعول لله تعالى, فإذا قلت: ضربت زيدًا, فالفعل لك دون زيد, وإنما أحللت الضرب به وهو المصدر, فعلى هذا تقول: قمت قيامًا وجلست جلوسًا, وضربت ضربًا, وأعطيت إعطاءً, وظننت ظنا, واستخرجت استخراجًا, وانقطعت انقطاعًا, واحمررت احمرارًا, فلا يمتنع من هذا فعل منصرف البتة.
ومصدر الفعل الذي يعمل فعله١ فيه يجيء على ضروب: فربما ذكر توكيدًا نحو قولك: قمت قيامًا, وجلست جلوسًا, فليس في هذا أكثر من أنك أكدت فعلك بذكرك مصدره, وضرب ثانٍ تذكره للفائدة نحو قولك: ضربت زيدًا ضربًا شديدًا, والضرب الذي تعرف. وقمت قيامًا طويلًا, فقد أفدت في الضرب أنه شديد, وفي القيام أنه طويل, وكذلك إذا قلت: ضربت ضربتين وضربات, فقد أفدت المرار وكم مرة ضربت.
وقال سيبويه: تقول: قعد قِعْدةَ سوء وقعد قعدتين٢ /١٦٣ لما عمل في الحدث -يعني المصدر- عمل في المرة منه والمرتين, وما يكون ضربًا منه وإن خالف اللفظ. فمن ذلك: قعد القرفُصاء٣, واشتمل الصَمَّاء٤, ورجع القهقرى؛ لأنه ضرب من فعله الذي أخذ منه٥.
قال أبو العباس قولهم: القرفصاء واشتمل الصمّاء, ورجع القهقرى هذه حلى وتلقيبات لها وتقديرها: اشتمل الشمل التي تعرف بهذا الاسم
١ نحو: ضرب ضربا.
٢ انظر الكتاب ١/ ١٥.
٣ قعود القرفصاء: أن يجلس الرجل على إليتيه ويلصق فخذيه ببطنه يحتبي بيديه.
٤ اشتمال الصماء: أن يرد الرجل كساءه من قبل يمينه على يده اليسرى وعاتقه الأيسر ثم يرده ثانية من خلفه على يده اليمنى وعاتقه الأيمن فيغطيهما جميعا.
٥ انظر الكتاب ١/ ١٥.