يعمل الضرب/ ١٦٦ وما أشبهه من المصادر إذا كان ظاهرًا غير مضمر, وإنما يعمل لشبهه بالفعل, فكما أن الفعل لا يضمر, فكذلك المصدر, لا يجوز أن يقع موقع الفعل وهو مضمر, وإنما جاز إضمار المصدر لأنه معنى واحد١, ولم يجز إضمار الفعل لأنه معنى وزمان, ولو أَضمر لصار اسمًا. وتقول: مررت بهم جميعًا, إذا عنيت أنك لم تترك منهم أحدًا, أو: مررت بهم كلًّا, قال الأخفش: كل وجميع ههنا بمنزلة المصادر كأنك قلت: مررت بهم عمًا ومررت بهم كلًّا, أي: مرورًا عمًا وكلًّا, فكل وجميع ههنا بمنزلة المصادر, كأنك قلت: مررت بهم عمًا ومررت بهم عمًا لهم, وكأنك قلت: طررتهم طرًا٢ وليس الجميع والكل بالقوم, كما أن الطر والقاطبة ليس بالقوم, يعني إذا قلت: مررت بهم قاطبة وطرًا فكأنك قلت: جمعتهم/ ١٦٧ جمعًا, وكذلك في طر كأنك قلت: طررتم, أي: أتيت عليهم طرًا.
وذكر سيبويه: هذا في باب ما ينتصب لأنه حال وقع فيه الخبر وهو اسم. وقال: من ذلك: مررت بهم جميعًا وعامة وجماعة, وقال: هذه أسماء متصرفة ولا يجوز أن يدخل فيها الألف واللام٣.
وزعم الخليل: أن قاطبة, وطرًا لا يتصرفان, وهما في موضع المصدر٤.
واعلم: أن في الكلام مصادر تقع موقع الحال فتغني عنها وانتصابها انتصاب المصادر نحو قولك: أتاني زيد مشيًا, فقولك: مشيًا قد أغنى عن ماشٍ, ويمشي, إلا أن التقدير: أتاني يمشي مشيًا, فمن ذلك: قتلته صبرًا,
١ لأن الفعل بصيغته يدل على شيئين: الحدث والزمان المحصل، والمصدر يدل بصيغته على شيء واحد وهو الحدث.
٢ طرا: متفرقا.
٣ الكتاب: جـ١/ ١٨٨-١٨٩.
٤ الكتاب جـ١/ ١٨٩.