كأنه قال: أنقض آخرهم على أولهم, وبعض العرب يجعل "قضهم" بمنزلة كلهم, يجريه على الوجوه فهذا مأخوذ من الإِنقضاض فقسه على ما ذكرت لك من قبل. وزعم يونس١: أن وحده بمنزلة عنده, وأن خمستهم وقضهم كقولك جميعًا, وكذلك طُرًا وقاطبة.
وجعل يونس نصب وحده كأنك قلت: مررت برجل على حياله فطرحت على٢, فأما: "كلهم وجميعهم وعامتهم وأنفسهم وأجمعون" فلا يكون أبدًا إلا صفة إذا أضفتهن إلى المضمرات وتقول: هو نسيج وحدِهِ؛ لأنه اسم مضاف إليه٣.
قال الأخفش: كل مصدر قام مقام الفعل ففيه ضمير فاعل وذلك إذا قلت: سقيًا لزيد, وإنما تريد: سقى الله زيدًا, ولو قلت/ ١٧٠: سقيا الله زيدًا, كان جيدًا, لأنك قد جئت بما يقوم مقام الفعل, ولو قلت: أكلًا زيد
١ يونس: هو أبو عبد الرحمن الضبي يونس بن حبيب. من تلاميذ أبي عمرو بن العلاء والأخفش الأكبر قيل: إنه صنف كتاب القياس في النحو. مات سنة ١٨٢هـ وقيل ١٥٢هـ ترجمته في طبقات الزبيدي رقم ١٧ وابن خلكان رقم ٨٢٣، والإرشاد لياقوت ٧/ ٣١٠، ونزهة الألباء ٥٦ وبغية الوعاة ٤٢٤.
٢ انظر الكتاب ١/ ١٨٩.
٣ لأنه يخبر أنه ليس في مثاله أحد. فلو لم يضف إليه لقال: هذا نسيج إفرادا فالإضافة في الحقيقة إلى المصدر.