فألغى: "خلتُ" ويلغي المصدر كما يلغي الفعل, وتقول: عبد الله ظني قائم وفي ظني وفيما أظن وظنا مني, فهذا يلغي وهو نصب تريد: أظن ظنا وإذا قلت: في ظني "ففي" من صلة كلامك جعلت ذلك فيما تظن.
وحكي عن بعضهم: أنه جعله من صلة خبر عبد الله لأن قيامه فيما يظن, وتقول: ظننت زيدًا طعامَكَ آكلًا, وطعامكَ ظننت زيدًا آكلًا. ولا يجوز: ظننت طعامك زيدًا آكلًا, من حيث قبح: كانت زيدًا الحمّى تأخذ, وهذه/ ١٩٤ المسألة توافق: كانتْ زيدًا الحمى تأخذُ من جهة وتخالفها من جهة, أما الجهة التي تخالفها فإن "كانت" خالية من الفاعل وظننت معها الفاعل, والفعل لا يخلو من الفاعل. والتفريق بينه وبين الفاعل أقبح منه بينه وبين المفعول. والذي يتفقان فيه أن "كان" تدخل على مبتدأ وخبر وظننت تدخل على مبتدأ وخبر, فهما يستويان من هذه الجهة. وقد فرقت بينهما وبين ما عملا فيه بما لم يعملا فيه. فإن أعملت: "ظننت" في مجهول جاز كما جاز في "كان" ورفعت زيدًا وخبره فقلت: ظننته طعامك زيدٌ آكلٌ ويجوز: ظننته آكل زيد طعامك ويجوز في قول الكوفيين نصب آكل.
وقد أجاز قوم من النحويين: ظننت عبد الله يقوم وقاعدًا وظننت عبد الله قاعدًا ويقوم. ترفع "يقوم" وأحدهما نسق على الآخر. ولكن إعرابهما مختلف, وهو عندي قبيح من أجل عطف الاسم على الفعل, والفعل على الاسم لأن العطف أخو التثنية/ ١٩٥ فكما لا يجوز أن ينضم فعل إلى اسم في تثنية, كذلك لا يجوز في العطف ألا ترى أنك إذا قلت: زيدان, فإنما معناه: زيد وزيد فلو كانت الأسماء على لفظ واحد لاستغني عن العطف,