ذكر ما كان المنصوب فيه هو المرفوع في المعنى:
هذا النوع ينقسم على ثلاثة أضرب: فمنه ما العامل فيه فعل حقيقي, ومنه ما العامل فيه شيء على وزن الفعل, ويتصرف تصرفه وليس بفعل في الحقيقة, ومنه ما العامل فيه حرف جامد غير متصرف.
ذكر ما شبه بالمفعول والعالم فيه فعل حقيقي:
وهو صنفان يسميها النحويون الحال والتمييز: فأما الذي يسمونه الحال فنحو قولك: جاء عبد الله راكبًا, وقام أخوك منتصبًا, وجلس بكر متكئًا١. فعبد الله مرتفع "بجاء" والمعنى: جاء عبد الله في هذه الحال, وراكب/ ٢٣٥ منتصب لشبهه بالمفعول, لأنه جيء به بعد تمام الكلام واستغناء الفاعل بفعله, وإن في الفعل دليلًا عليه كما كان فيه دليل على المفعول, ألا ترى أنك إذا قلت: قمت فلا بد من أن يكون قد قمت على حال من أحوال الفعل فأشبه: جاء عبد الله راكبًا. ضرب عبد الله رجلًا وراكب, هو عبد الله, ليس هو غيره, وجاء وقام فعل حقيقي تقول: جاء يجيء, وهو جاء, وقام يقوم وهو قائم, والحال تعرفها, وتعتبرها بإدخال "كيف" على الفعل والفاعل تقول: كيف جاء عبد الله فيكون الجواب: راكبًا وإنما سميت الحال, لأنه لا يجوز أن يكون اسم الفاعل فيها إلا لما أنت فيه تطاول الوقت أو قصر. ولا يجوز أن يكون لما مضى وانقطع ولا لما لم يأت من الأفعال ويبتدأ بها.
والحال إنما هي هيئة الفاعل أو المفعول أو صفته في وقت ذلك الفعل المخبر به عنه, ولا يجوز أن تكون تلك الصفة إلا صفةً متصفة/ ٢٣٦ غير ملازمة. ولا يجوز أن تكون خلقة, لا يجوز أن تقول: جاءني زيد أحمر ولا
١ في الأصل متمكنا، وهو تحريف أثناء النسخ.