تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، آخِذِينَ} ١, فالخبر قوله: {فِي جَنَّاتٍ وَعُيُون} و {آخِذِينَ} : حال وقال عز وجل: {وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ} ٢, لأن المعنى: وهم خالدون في النار, فخالدون: الخبر و "فِي النَّارِ": ظرف للخلود.
وتقول: جاء راكبًا زيد كما تقول: ضرب عمرًا زيد, وراكبًا جاء زيد, كما تقول: عمرًا ضرب زيد, وقائمًا زيدًا رأيتُ كما تقولُ: الدرهمُ زيدًا أعطيت, وضربتُ قائمًا زيدًا.
قال أبو العباس٣: وقول الله تعالى عندنا: على تقدير الحال, والله أعلم وذلك قوله: {خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ} ٤, وكذلك هذا البيت:
مُزِبْدًا يَخْطُر ما لَمْ يَرَني ... وإذَا يَخلوُ لَهُ لحمي رَتَعْ٥
١ الذاريات: ١٥.
٢ التوبة: ١٧.
٣ انظر المقتضب ٤/ ١٦٨، وقول الله -عز وجل- عندنا: على تقديم الحال -والله أعلم- وذلك: {خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ} .
٤ القمر: ٧، في البحر المحيط ٨/ ١٧٥ انتصب: "خشعا" على الحال من ضمير "يخرجون" والعامل فيه "يخرجون" لأنه فعل متصرف وفي هذا دليل على بطلان مذهب الجرمي، لأنه لا يجيز تقديم الحال على الفعل وإن كان متصرفا، وقد قالت العرب: شتى تئوب الحلبة: وقيل: هو حال من الضمير المجرور في "عنهم" من قوله: "فتول عنهم". وقيل: مفعول: "بيدع" وفيه بعد.
٥ الشاهد فيه نصب "مزبدا" على الحال مع تقدمه على عامله ومزبدا: من أزبد الجمل: إذا ظهر الزبد على مشافره وقت هياجه. ويخطر من الخطر -بسكون الطاء وهو ضرب الفحل بذنبه إذا هاج. والبيت من قصيدة من المفضلية "٤٠" وهي من أغلى الشعر وأنفسه، لسويد بن كاهل اليشكري/ ١٩١-٢٠٢ وفي شرحها للأنباري/ ٣٨١-٤٠٩. والبيت في الأصول، وفي المقتضب ٤/ ١٧٠، مركب من بيتين، وروايتهما:
مزبد يخطر ما لم يرني ... فإذا أسمعته صوتي انقمع
ويحييني إذا لاقيته ... وإذا يخلو له لحمي رتع
والرواية: برفع "مزبد" في المفضليات والشعر والشعراء ١/ ٤٢١، وطبقات الشعراء ٣٥، والأغاني ١١/ ١٦٥، واللآلي: ٣١٣، والإصابة لابن حجر ٣/ ١٧٣، والتهذيب ٥/ ١٠٤ وروايته: وإذا أمكنه لحمي رتع.