وقال سيبويه: لعل وعسى: طمع وإشفاق١.
وكأنَّ: معناها التشبيه إنما هي الكاف التي تكون للتشبيه دخلت على "أن"٢.
وجميع هذه الحروف مبنية على الفتح مشبهة للفعل الواجب, ألا ترى أن الفعل الماضي كله مبني على الفتح, فهذه الأحرف الخمسة تدخل على المبتدأ والخبر فتنصب ما كان مبتدأ, وترفع الخبر فتقول: إن زيدًا أخوك, ولعل بكرًا منطلق, ولأنَّ زيدًا الأسد, فإنّ: تشبه من الأفعال ما قدم مفعوله نحو: ضرب زيدًا رجل, وأعلمت هذه الأحرف في المبتدأ والخبر كما أعلمت "كان" وفرق بين عمليهما: بأن قدم المنصوب بالحروف على المرفوع كأنهم جعلوا ذلك فرقًا بين الحرف والفعل, فإن قال قائل: إن "أنَّ" إنما عملت في الاسم فقط فنصبته وتركت الخبر على حاله كما كان مع الابتداء, وهو قول الكوفيين٣. قيل له: الدليل على أنها هي الرافعة/ ٢٥٨ للخبر, أن الابتداء قد زال وبه وبالمبتدأ كان يرتفع الخبر فلما زال العامل بطل أن يكون هذا معمولًا فيه, ومع ذلك أنا وجدنا كلما عمل في المبتدأ رفعًا أو نصبًا علم في خبره, ألا ترى إلى ظننت وأخواتها لما عملت في المبتدأ عملت في
١ الكتاب ١/ ٢٨٧ و٢/ ٦٧.
٢ والذي قال بتركيب "كأن" هو الخليل، قال سيبويه: وسألت الخليل عن "كأن" فزعم: أنها "أن" لحقتها الكاف للتشبيه ولكنها صارت مع "أن" بمنزلة كلمة واحدة، وكذلك يراها سيبويه مركبة أيضا، قال وهو يتحدث عن زيادة اللام في "لعل"، وكذلك: كأن، دخلت الكاف فيها للتشبيه ومثل ذلك: "كأن وكذا" انظر الكتاب ١/ ٢٨٧ و٢/ ٦٧.
٣ مذهب الكوفيين أنها لم تعمل في الخبر، بل هو باق على رفعه قبل دخولها، وذلك لأن الأصل في هذه الحروف أن لا تنصب الاسم إنما نصبته لأنها أشبهت الفعل فإذا كانت إنما عملت لأنها أشبهت الفعل فهي فرع عليه، وإذا كانت فرعا عليه فهي أضعف، لأن الفرع أبدا يكون أضعف من الأصل، وينبغي في الخبر جريا على القياس في حط الفروع عن الأصول. انظر الإنصاف جـ١/ ١٠٤ وارتشاف الضرب/ ٥٨٣.