جئت لكرمك, و"أن" إذا كانت مكسورة بمنزلة الفعل. وإذا كانت مفتوحة بمنزلة الاسم, والفعل لا يعمل في الفعل, فلذلك لا يعمل الفعل في "إن" المكسورة, ويعمل في "أن" المفتوحة لما صارت بمعنى المصدر, والمصدر اسم.
قال سيبويه: يقبح أن تقول: أنك منطلق بلغني, أو عرفت١. وإنما استقبح ذلك -وإن أردت تقديم الفعل لامتناعهم- من الابتداء بأن المفتوحة لأنها إنما هي بمنزلة "أَنْ" الخفيفة التي هي مع الفعل بمعنى المصدر. وما كان بمنزلة الشيء فليس هو ذلك الشيء بعينه, فلا يجوز أن يتصرف تصرف "أن" الخفيفة الناصبة للفعل في جميع أحوالها. فأما "أَنْ" الخفيفة التي تنصب الفعل, فإنها يبتدأ بها, لأن الفعل صلة لها, وقد نابت هي والفعل عن مصدر ذلك الفعل, ولا يلي أن الخفيفة الناصبة للفعل إلا الفعل و"أَنَّ" الشديدة ليست كذلك, لأنه/ ٣٠١ لا يليها إلا الاسم, وهي بعد للتأكيد, كما إن "إن" المكسورة للتأكيد, تقول: إن يقوم زيد خير لك ولا يجوز: أنْ زيد قائم خير لك, قال الله تعالى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} ٢, وتقول: ليت أن زيدًا منطلق, فأصل هذا الابتداء والخبر, فينوب عن خبر "ليت" ولا يجوز: أن يقوم زيد, حتى يأتي بخبر, وأنت مع "أن" تلفظ بالفعل ومع "أن" المشددة قد يجوز أن لا تلفظ بالفعل, نحو قولك: قد علمت أن زيدًا أخوك, والمواضع التي تقع فيها أن المفتوحة لا تقع فيها "إن" المكسورة, فمتى وجدتهما يقعان في موقع واحد, فاعلم: أن المعنى والتأويل مختلف. وإذا وقعت أن موقع المصدر الذي تدخل عليه لام الجر فتحتها, نحو: جئتك أنك, تريد
١ الكتاب ١/ ٤٦٣. ونص الكتاب: ألا ترى أنه قبيح أن تقول: إنك منطلق بلغني أو عرفت، لأن الكلام بعد أن وإن غير مستغن كما أن المبتدأ غير مستغن، وإنما كرهوا ابتداء "أن" يشبهوها بالأسماء التي تعمل فيها "إن" ولئلا يشبهوها بأن الخفيفة، لأن أن والفعل بمنزلة مصدر فعله الذي ينصبه والمصادر تعمل فيها إن وأن.
٢ البقرة: ١٨٤.