وإنما تكلَّموا بذلك لأن "تقول" في المعنى منفي, إذ كان وصفًا لمنفي أو خبرًا, كما قالوا: قد عَرَفْتُ زيدًا أبو من هو, لأن معناه معنى المستفهم عنه. ويجوز: ما أظنُّ أحدًا فيها إلا زيدٌ, ولا أحدٌ منهم اتخذت عنده يدًا إلا زيد, رفعت زيدًا في المسألة الأولى على البدل من المضمر في فيها/ ٣٢٥ المرفوع وخفضته في الثانية على البدل من الهاء المخفوضة. في "عنده" وتقول: ما ضربت أحدًا يقول ذاك إلا زيدًا لا يكون في ذلك إلا النصب؛ لأن القول غير منفي هنا, وإنما أخبرت: أنك ضربت ممن يقول ذاك زيدًا, والمعنى في الأول أنك أردت أنه ليس يقول ذاك إلا زيد. ولكنك قلت: رأيت أو ظننت ونحوهما لتجعل ذلك فيما رأيت وفيما ظننت ولو جعلت: رأيت من رؤية العين كان بمنزلة "ضربت".
قال الخليل: ألا ترى أنك تقول: ما رأيته يقول ذلك إلا زيد, وما أظنُّه يقوله إلا عمرو, فهذا يدلك على أنك إنما انتحيت على القول١, وتقول: قل رجل يقول ذاك إلا زيد, وليس "زيد" بدلًا من الرجل في "قل".
قال سيبويه: لكن "قل رجل" في موضع "أقل رجل" ومعناه كمعناه, وأقل رجل مبتدأ ٢ / ٣٣٣ مبنى عليه. والمستثنى بدل منه لأنه يدخله في شيء.
١ انظر: الكتاب ١/ ٣٦١.
٢ المصدر السابق: ١/ ٣٦١.